للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه وتبغضه من وجه، فينبغي أن تحب المسلم لإسلامه، وتبغضه لمعصيته، فتكون معه على حالة متوسطة بين الانقباض والاسترسال، فأما ما يجري منه مجرى الهفوة التي يعلم أنه نادم عليها، فالأولى حينئذ الإغماض والستر، فإذا أصر على المعصية، فلا بد من إظهار أثر البغض بالإعراض عنه والتباعد، وتغليظ القول له على حسب غلظ المعصية وخفتها" (١).

والخل الوفي من تكون عشرته مع خليله على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هديه وعبادته وسلوكه وشمائله وما آمن به - صلى الله عليه وسلم -.

قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]. وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} [الأحزاب: ٢١].

والعاقل من يكون اجتماعه بأصحابه تعاونا على البر والتقوى، وتواصيًا بالحق والصبر.

قال العلامة ابن قيم الجوزية -رحمه الله-:

"الاجتماع بالإخوان قسمان:

أحدهما: اجتماع على مؤانسة الطمع، وشغل الوقت، فهذا مضرته أرجح من منفعته، وأقل ما فيه أنه يفسد القلب، ويضيع الوقت.

والثاني: الاجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة والتواصى بالحق والصبر، فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها" (٢).


(١) "منهاج القاصدين" (٩٣).
(٢) "الفوائد" (٦٧).

<<  <   >  >>