للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو العتاهية:

صديقي من يُقَاسِمُني هُمُومي ... وَيَرمي بالعداوةِ من رَمَاني

ويُحفظني إذا ما غبتُ عنهُ ... وأرجُوهُ لنائبةِ الزَّمانِ

وتأمل دفاع معاذ - رضي الله عنه - عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - لما تخلف عن غزوة تبوك، وقال فيه رجل من بني سلمة مقالة منكرة. ها هو كعب يحدثنا عن نفسه فيقول: لما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - تبوك، ذكرني، وقال: "ما فعل كعب؟ " فقال رجل من قومي: خلفه يا نبي الله بُرده، والنظر في عطفيه. فقال معاذ: بئسما قلتَ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا (١).

وهكذا يدافع الأخلاء عن بعضهم في الغيب، وهكذا يكون الوفاء.

وتأمل دفاع الجنيد عن أصحابه. قيل للجنيد: ما بال أصحابك يأكلون كثيرًا؟ قال: لأنهم لا يشربون الخمر، فيكون جوعهم أكثر. قيل: فما بال بهم قوة شهوة؟ قال: لأنهم لا يزنون ولا يدخلون تحت محظور. قيل: فما بالهم لا يطربون إذا سمعوا القرآن؟! قال: ما في القرآن ما يوجب الطرب، هو كلام الحق، نزل بأمر ونهي ووعد ووعيد، فهو يقهر.

عن سفيان بن الحسين قال: كنتُ عند إياس بن معاوية وعنده رجلٌ، تخوفت إن قمتُ من عنده أن يقعَ فيَّ، قال: فجلستُ حتى قامَ، فلما قام ذكرتهُ لإياس. قال: فجعل ينظر في وجهي، ولا يقول لي شيئًا حتى فرغتُ، قال لي: أغزوت الديلم؟ قلتُ: لا، قال: فغزوت السند؟ قلتُ: لا، قال: فغزوتَ الهند؟ قلت: لا، قال: فغزوت الروم؟ قلت: لا، قلتُ:


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٤١٨)، ومسلم (٦٨٨٣).

<<  <   >  >>