للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدرداء، فزارَ سلمانُ أبا الدرداء، فرأي أمَّ الدرداء متبذلةً، فقال لها: ما شأنُك؟ قالت: أخوكَ أبو الدرداء ليس لهُ حاجةٌ في الدنيا. فجاءَ أبو الدرداء فصنعَ لهُ طعاماً، فقال له: كُل، قال: فإني صائمٌ. قال: ما أنا بآكلٍ حتى تأكُلَ. قال: فأكلَ، فلما كان الليلُ ذهبَ أبو الدرداء يقومُ، قال: نمْ، فنام، ثم ذهب يقومُ، فقال: نَم. فلما كان من آخر الليل قال سلمانُ: قُمِ الآن. فصَلَّيا، فقال له سلمانُ: "إن لربِّك عليك حقاً، ولنفسكَ عليكَ حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعطِ كل ذي حق حقَّه"، فأتى النبي فذكر ذلك له، فقال له النبي: "صَدَق سلمانُ" (١).

قال الحافظ ابن حجر: "وفي الحديث من الفوائد: مشروعية المؤاخاة في الله، وزيارة الإخوان والمبيت عندهم، وجواز مخاطبة الأجنبية للحاجة، والسؤال عما يترتب عليه مصلحة وكان في الظاهر لا يتعلق بالسائل، وفيه النصح للمسلم وتنبيه من أغفل" (٢).

عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة؟ النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والصِّديق في الجنة، والمولود في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر في الجنة" (٣).

والعاقل من توسط في الزيارة غير مقلِّل ولا مكثر، فإن في التقليل داعية


(١) أخرجه البخاري (١٩٦٨ - فتح) في كتاب الصوم، باب: من أقسم على أخيه.
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٢١١).
(٣) حسن. أخرجه الدارقطني في "الأفراد"، والطبراني، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٢٦٠٤).

<<  <   >  >>