للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد لعن العاصر، وهو إنما يعصر عنبًا يصير عصيرًا، والعصير حلال، يمكن أن يُتخذ خلًا، ودبسًا، وغير ذلك" (١).

وقال شيخ الإسلام -قدس الله روحه-: "معلوم أن بيعهم ما يقيمون به أعيادهم المحرمة: مثل بيعهم العقار للسكنى وأشد، بل هو إلى بيعهم العصير أقرب منه إلى بيعهم العقار؛ لأن ما يبتاعونه من الطعام واللباس ونحو ذلك يستعينون به على العيد، إذ العيد اسم لما يفعل من العبادات والعادات، وهذه إعانة على ما يقام من العادات، ولكن لما كان جنس الأكل والشرب واللباس ليس محرمًا في نفسه، بخلاف شرب الخمر، فإنه محرم في نفسه.

فإن كان ما يبتاعونه يفعلون به نفس المحرم، مثل صليب أو شعانين أو معمودية، أو تبخير، أو ذبح لغير الله، أو صور ونحو ذلك، فهذا لا ريب في تحريمه كبيعهم العصير ليتخذوه خمرًا، وبناء الكنيسة لهم، وأما ما ينتفعون به في أعيادهم للأكل والشرب واللباس، فأصول أحمد وغيره تقضي كراهته، لكن كراهة تحريم كمذهب مالك أو كراهة تنزيه؟ والأشبه: أنه كراهة تحريم كسائر النظائر عنده، فإنه لا يجوز بيع الخبز واللحم والرياحين للفساق الذين يشربون عليها الخمر، ولأن هذه الإعانة قد تقضي إلى إظهار الدين الباطل، وكثرة اجتماع الناس لعيدهم وظهوره، وهذا أعظم من إعانة شخص معين" (٢).

وقال أيضاً -رحمه الله-: "فأما بيع المسلم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم، من الطعام واللباس والريحان ونحو ذلك، أو إهداء ذلك لهم: فهذا


(١) "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٢٧٥).
(٢) "اقتضاء الصراط المستقيم" (٣٤٦).

<<  <   >  >>