للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتعذر زواله بعد حصوله لو تفطن له، وكل ما كان سببًا إلى مثل هذا الفساد فإن الشارع يحرمه، كما دلت عليه الأصول المقررة".

قلت: وقد عدد شيخ الإسلام في كتابه النفيس "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" المفاسد التي تترتب على مشابهة الكفار من الأمور الظاهرة والباطنة، فقال:

"إن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبًا وتشاكلًا بين المتشابهين، يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس، فإن اللابس لثياب أهل العلم مثلًا يجد من نفسه نوع انضمام إليهم، واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلًا يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه مقتضيًا لذلك, إلا أن يَمنعه من ذلك مانع.

ومنها: أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب، وأسباب الضلال، والانعطاف إلى أهل الهدى والرضوان، وتُحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين، وكلما كان القلبُ أتمَّ حياةً، وأعرفَ بالإسلام الذي هو الإسلام -لستُ أعني مُجرد التوسُّم به ظاهرًا أو باطنًا بمجرد الاعتقادات التقليدية من حيث الجملة- كان إحساسُه بمفارقة اليهود والنصارى باطنًا أو ظاهرًا أتمَّ، وبُعدُه عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد.

ومنها: أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التمييز ظاهرًا بين المهديين المرضيين، وبين المغضوب عليهم والضالين، إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية.

<<  <   >  >>