ومن روائع حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - مع البهائم دفاعه عنهم، ورفع الظلم عنهم كما في الصور التالية:
١ - في غزوة الحديبية حرنت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبت أن تمشي، وكان اسمها القصواء، فقال الناسُ: حَلْ حَلْ (أي يزجرونها لتنبعث وتقوم)، فألحَّت (أي لزمت مكانها ولم تنبعث) فقالوا: خَلأَتِ القَصواء (أي حرنت وبركت من غير علة)، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما خَلأَتِ القصواءُ وما ذاك لها بِخُلُقٍ، ولكن حَبَسَها حابسُ الفيل"(وحابس الفيل هو الله -سبحانه وتعالى- حبسه عن دخول مكة، وقصة الفيل مشهورة)، ثم قال:"والذي نفسي بيده، لا يسألُونني خطةً يعظمون فيها حُرُماتِ اللهِ إلا أعطيُتهم إياها"(١)، وتأمل أدب النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يدفع الظلم عن الناقة ويدافع عنها.
٢ - كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ناقة يقال لها العَضْبَاء، وكانت سريعة لا تسبق، وكانت تسبق الحجاج في سفرها، وعندما أغار المشركون على سرح المدينة ذهبوا بها، وَأُسِرَت امرَأَة من الأنْصَارِ وَأُصِيبَت العَضبَاء، فَكَانَت المَرأَةُ فِي الوَثَاقِ، وَكَانَ القَومُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُم بَينَ يَدَي بُيُوتِهم فَانفَلَتَت ذَاتَ لَيلَةٍ من الوَثَاقِ، فَأتَت الإبِلَ فَجَعَلَت إِذَا دَنَت من البَعِيرِ رَغَا فَتَترُكُهُ، حتَّى تَنتَهِيَ إِلَى العَضبَاءِ فَلَم تَرغُ، وَنَاقَةٌ مُنَوقَةٌ (أي مُذَلَّله) فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثمَّ زَجَرَتهَا فَانطَلَقَت، وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأعجَزَتهُم، وَنَذَرَت لِلهِ إِن نَجَّاهَا اللهُ عَلَيهَا لَتَنحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَت المَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ فَقَالُوا: العَضبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَت: إِنهَا نَذَرَت إِن نَجاهَا اللهُ عَلَيهَا لَتَنحَرَنَّهَا، فَأتَوْا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -