للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الإحاطة بتراجم أعيان الأمة مطلوبة، ولذوي المعارف محبوبةٌ، ففي مدارسة أخبارهم شفاءٌ للعليل، وفي مطالعة أيامهم إرواءٌ للغليل.

"فأي خصلة خير لم يسبقوا إليها؟ وأي خطة رشد لم يستولوا عليها؟ تالله لقد وردوا رأس الماء من عين الحياة عذبًا صافيًا زلالا، وأيدوا قواعد الإسلام، فلم يدعوا لأحد بعدهم مقالا" (١).

"واعلم تحقيقًا أن أعلمَ أهلِ الزَّمانِ وأقربَهم إلى الحقِّ أشبهُهُم بالصحابةِ وأعرفُهم بطريق الصحابةِ، فمنهم أُخِذَ الدِّينُ، ولذلك قال عليٌّ - رضي الله عنه -: خَيرُنا أتبعُنا لهذا الدِّينِ" (٢).

قال الناظم:

فتشبهوا أن لم تكونوا مثلهم ... إنَّ التشبه بالكرامِ فلاحُ

وكذلك قراءة سير التابعين ومن جاء بعدهم في تراجمهم مما يحرك العزيمة على اكتساب المعالي ومكارم الأخلاق, ذلك أن حياة أولئك تتمثل أمام القارئ، وتوحي إليه بالاقتداء بهم، والسير على منوالهم.

وجدير بمن لازم العلماء بالفعل أو العلم أن يتصف بما اتصفوا به، وهكذا من أمعن النظر في سيرتهم أفاد منهم "وهكذا كان شأنُ السلف الصالح، فأوَّلُ ذلك ملازمةُ الصحابة -رضي الله عنهم- لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذُهُم بأقواله وأفعاله، واعتمادهم على ما يرد منه، كائنًا ما كان، وعلى أيِّ وجهِ صدَر .. ، وإنما ذلك بكثرة الملازمة، وشدَّة المثابرة .. وصار مثلُ


(١) "إعلام الموقعين" (١/ ١٥).
(٢) "الدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد" (١٣٨) للإمام بدر الدين الغزي العامري.

<<  <   >  >>