للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعتزل، فلا بد من قرين طيب يملأ الفراغ الذي أحدثه هجر قُرَنَاء السوء، فالبديل ضروري، وهكذا نجد عندنا بدائل حسنة لكل خلق سيئ.

ولكن قد يقول قائل: بأن هذا يمكن أن يصدق في العادات والممارسات، ولكن ما بدائل الغضب، والكذب، والغش وغيرها؟، نقول: بدائلها الحلم والصدق والتحلي بالأخلاق الحسنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "النفوس لا تترك شيئًا إلا بشيء، ولا ينبغي لأحد أن يترك خيرًا إلا إلى مثله، أو إلى خير منه" (١).

وأذكر يوما اتصلت بي إحدى الأمهات تشكو من كثرة مطالعة ابنها التلفاز ليل نهار، وأنه يصعب التخلص منه، ويومها قلت لها: لا بد من بديل، فقالت: كيف؟ قلت: أن تشغليه بشيءِ نافع زراعة أو طلاء غرفة أو حرفة، أو تعليمه الحاسب الآلي، أو قراءة كتاب نافع، وبعدها لا أدري ماذا صنعت، وبعد ستة شهور تقريبًا اتصلت بي ثانية تشكر نصيحتي، فقد ابتعد الولد تماماً عن التلفاز بسبب اشتغاله بالزراعة المنزلية وترتيب الورود وري الزروع، فقلت: الحمد لله.

قال الماوردي في بيان الأحوال التي تقهر الشهوة: "ترغيبها في الحلال عوضًا، وإقناعُها بالمباح بدلًا، فإن الله تعالى ما حرم شيئًا إلا وأغنى عنه بمباح من جنسه؛ لما علمه من نوازع الشهوة، وتركيب الفطرة؛ ليكون ذلك عونًا على طاعته، وحاجزًا عن مخالفته" (٢).


(١) "اقتضاء الصراط المستقيم" (٤٠٩).
(٢) "أدب الدنيا والدين" (٥١٠).

<<  <   >  >>