للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبرموه من خلافة المقتفى [١] فتوجّه كمال الدين إلى بغداد، قال ابن الأثير صاحب التاريخ [٢]- حكى لي كمال الدين المذكور، قال: لما حضرت بالديوان قيل لي:

تبايع أمير المؤمنين؟ فقلت أمير المؤمنين عندنا بالموصل وله في أعناق الخلق بيعة متقدمة قال- وطال الحديث في ذلك، وعدت إلى منزلي فلما جاء الليل جاءتني عجوز سرّا واجتمعت بي وأبلغتني رسالة من المقتفى، مضمونها المعاتبة لي على ما قلت واستنزالي عنه، فقلت: غدا أخدم خدمة يظهر أثرها، فلما كان الغد، حضرت بالديوان وقيل لي في معنى البيعة، فقلت: أنا رجل فقيه قاض، ولا يجوز لي أن أبايع إلا بعد أن يثبت عندي خلع المتقدّم. فأحضروا الشهود فشهدوا عندي بفسق الرّاشد فقلت: هذا ثابت لا كلام فيه، ولكن لا بدّ لنا في هذه الدعوى من نصيب، لأن أمير المؤمنين المقتفى حصلت له خلافة الله في أرضه والسلطان فقد استراح ممن كان يقصده فنحن بأيّ شيء نرجع؟ فرفع الأمر إلى المقتفى، فأمر أن يعطى أتابك [٣] زنكي [٤] صريفين ودرب هارون وحربي ملكا، فبايعت المقتفي وعدت، وقد حصل لي مال صالح وتحف وهدايا. وما أدري والله من أيّ حاليه أعجب؟! من فعله هذا وخيانته لمرسله وتسويد وجهه مع من استجار به، فإنه لم يكن الفائدة من إرسال كمال الدين إلا تقوية أمر المقتفى وتأكيد خلع الراشد، أم من حكايته عن نفسه مثل هذه الفعلة؟!.

وكذلك ما جرى لعميد الملك الكندري وزير السلطان طغرلبك: أرسله السلطان طغرلبك ليخطب له امرأة، فمضى الكندري وخطبها لنفسه وتزوجها


[١] المقتفى: خليفة عباسي أجلسه السلطان مسعود على سدّة الخلافة بعد الراشد. توفي/ ٥٥٥/ هـ.
[٢] هو المؤرّخ من أبناء الأثير الإخوة الجزريّين الثلاثة.
[٣] أتابك: لقب تركي أطلقه السلاجقة على بعض رجال البلاط والوزراء والقادة، وقد تمكن بعضهم من السيطرة وإنشاء دول كدولة زنكي في الموصل.
[٤] جدّ الأتابكة المتنفذ في الموصل وقد امتد حكم أسرة الأتابكة إلى الجزيرة والشام، بدءا من عماد الدين زنكي إلى بدر الدين لؤلؤ.

<<  <   >  >>