للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: فوق من شدَّ صُلبا وأحكَمَه بإزار، أي: فضّلكم على الناس كلِّهم.

وفي قوله: (رَفَعَ المِئْزَر) معنى آخر يريد به أنه اجتهد في العبادة، وهو من قولك: شددتُ لهذا الأمر مئزري: إذا جَدَدت فيه، كما قال الهُذلي:

وَكُنتُ إِذَا جَارِي دَعَا لمَضُوفَة … أَشَمِّر حَتَّى يَنْصُفَ الساق مِئْزَرِي (١)

المَضوفة: الأمر يُحذر ويُشفَق منه.

[قال الخليل: احتق الرجلان إذا كان كل واحد منهما يقول: الحق بيدي] (٢)

قال أهل العلم: الاعتكاف: الإقامة بالمكان، وليس المقام في كل مكان يكون برا، فشرطه أن يكون في المسجد؛ لأن المساجد أفضل البقاع، وذكر الله أفضل الأذكار، فجُعل شرطا لذلك، وردُّ الاعتكاف إلى العشر الآخر؛ لأن فيها ليلة القدر، فالطاعة فيها أفضل.

وفي قوله: (البِرَّ يرِدْنَ؟) دليل أن الطاعة إذا لم يرد بها وجه الله لم تقبل، وفيها ما دل على مداراة النساء؛ إذ لم يزجُر نساءه، ونقض الأبنية، وفيه: دليل أن الاعتكاف بغير صوم جائز؛ إذ اعتكف في شوال، ولم يرِد عنه أنه صام لاعتكافه.


(١) أبو جندب الهذلي، ينظر إصلاح المنطق لابن السكيت: ١٧٦، الحيوان: ٣/ ١٢٩، المعاني الكبير: ٢/ ٧٠٠.
(٢) ينظر: تهذيب اللغة ٣/ ٢٤٤، الغريبين ٢/ ٤٧٢، وهذا المقطع من كلام المؤلف متعلق بالحديث الأول من هذا الباب.

<<  <   >  >>