للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رفع فاعل دخل، (أَحْيَا اللَّيْلَ) أي: ترك القوم، واشتغل طول الليل بالعبادة، (وَجَدَّ) يقال: جد فلان في الأمر، والجِدُّ الاجتهاد في الأمر، والمبالغة فيه، يقال: جَدَّ جِدًّا، وقوله: (وَشَدَّ المِئْزَرَ)، وفي رواية خارج الصحيح: (وَرَفَعَ المِئْزَرَ) (١)، قال ابن قتيبة: هذا من لطيف الكِناية، يريد اعتزال النساء، وليس رفعُه المئزر أن يلقيَه عن نفسه، ولكنه يريد أنه شمَّره وشدَّه، وهو مثَلٌ ليس أن هناك مئزرا (٢)، ومنه قول الأخطل:

قَومٌ إذا حَارَبُوا شَدّوا مَآزِرَهُم … دُونَ النِّساءِ، وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ (٣)

كأنهم كانوا قبل الحرب مطلقي المآزر للنكاح، فلما حاربوا شدّوها دون النكاح، ولهذا قيل للعفاف عن الزنا: إزار، كأنه شدَّ إزارا دون ذلك، قال عَدي بن زيد:

أجْلِ أنّ الله قد فضّلكم … فَوق ما أحكي بصُلْب وإزارِ (٤)

فالصُّلب الحَسَب، والإزار العَفَافُ، والمعنى إني أحبكم من أجل أن الله قد فضّلكم بحَسَبٍ وعفاف، وقوله: فوق ما أحكي، أي: فوق ما أقول، ورُوي:

فَوْقَ مَنْ أَحْكَأَ صُلْبًا بِإِزَار (٥)


(١) رواية عند أحمد: ١١٠٣، وفي سنن البيهقي: ٨٥٦٢ من حديث علي: (شمَّر المئزر).
(٢) غريب الحديث لابن الجوزي: ٢/ ٣٨١، مشارق الأنوار: ١/ ٢٩.
(٣) ينظر الكامل في اللغة والأدب: ١/ ٢١٨، العقد الفريد: ٥/ ١٥٥، الأغاني: ١٥/ ٧٤.
(٤) ينظر: الشعر والشعراء: ١/ ١٦١، المعاني الكبير: ١/ ٤٨١، كلاهما لابن قتيبة، معجم ديوان الأدب: ١/ ١٤٩.
(٥) ينظر: جمهرة اللغة لابن دريد: ٢/ ١٠٨٨، تهذيب اللغة للأزهري: ٥/ ٨٥.

<<  <   >  >>