للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حينئذ، فإذا كان كذلك كان يجب عليه أن يجامعها في الطهر؛ ليتحقق معنى المراجعة، فإذا جامعها لم يكن له أن يطلق، لأن طلاق السنة هو الذي يقع في طهر لم يجامع فيه (١).

وفي الحديث دليل أن الاعتداد بالأطهار، إذ أمره بالطلاق في الطهر، ثم قال: (فَتِلكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ ﷿ أَن يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ)، وفي تغيظ النبي إذ طلقها في الحيض دليل أن الطلاق في الحيض بدعة.

ومعنى قوله: (استَحمَقتُ) أي: تحامقت، وقوله: (فَمَه، أَرَأَيْتَ إِن عَجَزَ) (٢) أي: أيُّ شيء يكون إذا لم يعتد بها، إنكارا منه لقول يونس: (أَفَتَعتَدُّ بِهَا)، فكأنه قال: وهل من ذلك بد؟ أرأيت لو عجز واستحمق فلم يفعل ذلك، أكان يعذر فيه؟ وفي قوله ﷿: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١]، أمر أن يطلق النساء في وقتٍ يبتدئن فيه بالعدة في طهر لم يمَسَّ فيه، وحديث أبي الزبير: (فَرَدَّهَا عَلَيَّ، وَلَمْ يَرَه شَيْئًا) (٣) أي شيئا مفرقا للعصمة، إذ جعل له الرجعة، وبيانه في حديث ابن أبي ذئب عن نافع إذ قال: (فليراجعها، وهي تطليقة) (٤)، ولأنه لو لم تقع الفرقة، لم يكن للارتجاع معنى.


(١) معالم السنن: ٣/ ٢٣٣، الحاوي الكبير: ١٠/ ٨.
(٢) في رواية: (فمه أوَ إن عجز)، وفي أخرى (أرأيت إن عجز).
(٣) رواية أبي الزبير عند أبي داود برقم: ٢١٨٥، بلفظ قريب.
(٤) الرواية عند الدارقطني: ٣٩١٢: قال ابن أبي ذئب في حديثه: (هي واحدة فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)، وعنده كذلك: ٣٨٩٣: (قال: فقال عمر: يا رسول الله أفتحتسب بتلك التطليقة؟، قال: نعم).

<<  <   >  >>