للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجماعات، ولعلمهم بالسنن، قال بعض العلماء: لا بأس أن يشتري حاضر لباد، وأما إذا باع حاضر لباد لم يجز (١).

قال بعض العلماء: قوله: (لا يَبع) أي: لا يشتر (٢)، وقيل: معناه: لا يساوم (٣)، وقال الشافعي: هو أن يتبايع الرجلان السلعة، ولم يتفرقا فيجيء رجل فيعرض على المشتري سلعة أجود مما اشتراه بأقل من ثمنها، فيفاسخه البيع، ويشتري هذه الرخيصة، فهو عاص؛ لنهي رسول الله (٤).

وفي الحديث دليل على تحريم الخديعة والغرور، وأما: (تَلَقِّي الرُّكبَانِ): كانوا إذا أشرفوا على بلدة بسلعهم؛ ولا يعرفون سعرها؛ يتلقاهم متلقٍّ فيشتريها منهم بالغبن فنهى النبي عن ذلك، لئلا يُخدعَ مسلم، ثم جعل له الخيار إذا قدم السوق.

وأما: (بَيعُ الحَاضِرِ لِلْبَادِ)، فإن العرب إذا قدموا بسلعهم الأسواق؛ ولم يكن لهم من يتوكل لهم في البيع؛ لم يتربصوا بها وباعوها بسعر يومها، فأصاب الناس ربحا، وإذا تربصوا بها بطَل هذا المعنى، وهذا النهي على معنى الاختيار: (دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ) فلو لم يجز البيع؛ لم يكن في ذلك ما


(١) الكلام الأول لابن أبي أويس، والآخر لعيسى بن دينار، ينظر: تفسير الموطأ للقنازعي: ٢/ ٤٩٠.
(٢) قال الباجي: يريد، والله أعلم لا يشتر، وقال ابن حبيب: إنما النهي للمشتري دون البائع، ينظر: المنتقى: ٥/ ١٠٠، وينظر كذلك: مجمل اللغة: ١٤٠، ابن بطال: ٦/ ٢٦٧.
(٣) وهو ما تشير إليه رواية أبي هريرة: (لا يسم)، وفسر مالك البيع في الحديث بقوله: (أن يسوم الرجل على سوم أخيه) الموطأ: كتاب البيوع: ٩٦، وينظر: مشارق الأنوار: ١/ ١٠٧.
(٤) الأم للشافعي: ٣/ ١٠، مختصر المزني: ٨/ ١٨٦، الحاوي الكبير: ٥/ ٣٤٣.

<<  <   >  >>