للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يمنع الرزق، فاستُدِل بذلك على أن البيع جائز، والإثمَ حاصل.

قال بعض العلماء (١): (أصل الغرر هو ما طوي عنك علمه، وخفي عليك باطنه وسرُّه، وهو مأخوذ من قولهم: طويت الثوب على غِرِّه، أي: على كسره الأول، فكل بيع كان المقصود منه مجهولا غير معلوم، أو معجوزا عنه غير مقدور عليه فهو غرر، وذلك مثل: أن يبيعه سمكا في الماء، أو طيرا في الهواء، أو لؤلؤة في البحر، أو عبدا آبقا، أو جملا شاردا، أو ثوبا في جراب لم يره، ولم ينشره، أو طعاما في بيت لم يفتحه، أو ولد بهيمة لم يولد، أو ثمرة شجرة لم تثمر، في نحوها من الأمور التي لا تعلم، ولا تُدرى هل تكون أم لا، فإن البيع فيها مفسوخ.

وإنما نهى النبي عن هذه البيوع، تحصينا للأموال أن تضيع، وقطعا للخصومة، وجماع الأمر: الغرر ما دخل المقصود منه الجهل، ومن ذلك: بيع الحصاة، وهو أن يعترض الرجل القطيع من الغنم فيرمي فيها بحصاة، فأية شاة منها أصابت الحصاةُ فقد استحقها البيع).

وأما (المُصَرَّاة): فقال الشافعي: التَّصرية: أن يربط أخلاف الناقة أو الشاة، وتُترك من الحلب يومين أو ثلاثة حتى يجتمع لها لبن؛ فيراه مشتريها كثيرا، فيزيد في ثمنها لما يرى من كثرة لبنها، فإذا حلبها بعد تلك الحَلْبة حَلْبة أو حَلْبتين، عرف أن ذلك ليس بلبنها، وهذا غرور (٢).

قال أهل اللغة: أصل التَّصرية: حبس الماء وجمعه، والشاة المُصَرَّاة: التي


(١) الخطابي في معالم السنن: ٣/ ٨٨.
(٢) مختصر المزني: ٨/ ١٨٠، الحاوي الكبير: ٥/ ٢٣، البيان في مذهب الإمام الشافعي: ٥/ ٢٦٥.

<<  <   >  >>