للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن هذه العلوم؛ علم غريب الحديث، فمنذ أواخر القرن الثاني الهجري، ظهرت جهود حثيثة لخدمة الشريعة من هذا الجانب، وقد نُسب التصنيف في ذلك لمجموعة من جهابذة اللغة، كالنضر بن شُمَيلٍ (٢٠٣ هـ)، وقُطرُب (٢٠٦ هـ)، وأبي عُبَيدة معمر بن المثنى (٢١٠ هـ)، وأبي زيد الأنصاري (٢١٥ هـ)، والأصمعي (٢١٦ هـ)، وغيرهم (١).

غير أن عمدة هذا الفن، ومرجعَ اللاحقين بعدُ، هو كتاب: (غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام (٢٢٤ هـ)، قال ابن قتيبة: (وَقَد كَانَ تعرُّفُ هَذَا وَأَشبَاهِه عَسِيرًا فِيمَا مَضَى عَلَى مَن طَلَبَه؛ لِحَاجَتِهِ إِلَى أَن يَسأَلَ عَنْهُ أَهْلَ اللُّغَة؛ وَمَن يَكمُلُ مِنهُم؛ لِيُفَسِّرَ غَرِيبَ الحَدِيثَ، وَفَتْقُ مَعَانِيهِ وَإِظْهَارُ غَوَامِضِه قَلِيلٌ، فَأَمَّا زَمَانُنَا هَذَا، فَقَد كُفِي حَمَلَةُ الحَدِيثِ فِيهِ مُؤنَةَ التَّفْسِيرِ وَالبَحثِ، بِمَا أَلَفَهُ أَبُو عُبَيدِ القَاسِمُ بنُ سَلَّامٍ) (٢).

ثم نسج على منواله عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (٢٧٦ هـ)، متعقبا إياه، ومستدركا عليه، وسمى كتابه كذلك: (غريب الحديث)، فكان على شاكلته منزلة وعلما.

ولما طبقت شهرة الكتابين الآفاق، وانتشرا في بلاد الأندلس، انتدب الإمام السرقسطي العوفي (٣٠٢ هـ) نفسه للتذييل عليهما، واستدراك ما فاتهما، وسماه (الدلائل في غريب الحديث)، قال أبو الربيع بن سالم: (وَمِن تَآلِيفِ بِلَادِنَا كِتَابُ الدَّلائِلِ فِي الغَرِيبِ، مِمَّا لَم يَذكُرهُ أَبو عُبَيدٍ وَلَا ابن قُتيبَةَ) (٣).


(١) ينظر: حركة التأليف في غريب الحديث، ضمن كتاب منهج ابن الأثير في النهاية: ص ٦.
(٢) غريب الحديث لابن قتيبة: ١/ ١٥٠.
(٣) سير أعلام النبلاء: ١٤/ ٥٦٣.

<<  <   >  >>