للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقبل تمام القرن الرابع الهجري ظهر كتابان نفيسان، لا يستغنى عنهما بمن سبقهما، بل يرومان إتمام مسيرة الاستدراك والإكمال والتجويد، أولهما: (غريب الحديث لأبي سليمان الخطابي (٣٨٨ هـ)، الذي تتبع كتابي أبي عبيد وابن قتيبة، وشرح ما فاتهما.

وثانيهما: (كتاب الغريبين في القرآن والحديث) لأبي عبيد أحمد بن محمد العبدي الهَرَوِيّ (٤٠١ هـ)، ورام فيه جمع ما في الكتب السابقة وزيادة، ورتبه على ترتيب المعجم، ولم يسبق إلى ذلك.

وظل كتاب الغريبين في القرن الخامس الهجري وما بعده، عمدة هذا الفن ومنتهى هذا العلم، ومادة المصنفين والدارسين وعلى منواله صنف الإمام الزمخشري (٤٣٨ هـ) كتابه الفائق)، وعمد أبو موسى المديني (١) (٥٨١ هـ) إلى تتبعه واستدراك ما فاته في كتابه: (المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث).

وكذا فعل أبو الفرج بن الجوزي (٥٩٧) هـ)، فقد قصد بكتابه: (غريب الحديث) الاستدراك على الغريبين، قال في مقدمته: (وَرَأَيْتُهُ قَد أَخَلَّ بِأَشْيَاءَ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ لَيسَت بِغَرِيبَةٍ، فَلَا تَحتَاجُ إِلَى تَفسِيرٍ، فَرَأَيْتُ أَن أَبذُلَ الوُسعَ فِي جَمعِ جَمِيعِ غَرِيبٍ حَدِيثِ رَسُولِ الله وَأَصحَابِهِ وَتَابِعِيهم) (٢).

وهكذا استمرت حركة التصنيف والإفادة والاستدراك، إلى أن جاء ابن الأثير الجزري (٦٠٦ هـ)، فألف كتابه: (النهاية في غريب الحديث)، وهو كتاب


(١) وهو التلميذ المقرب لقوام السنة.
(٢) غريب الحديث له: ١/ ٤.

<<  <   >  >>