له من اسمه أوفر نصيب، فحاول أن يجمع ما تفرق في ما سبق، وترسَّم خطى أبي عبيد في الغريبين، وأبي موسى في المجموع المغيث.
وبموازاة مع حركة التصنيف في الغريب، اهتم الفقهاء من علماء الإسلام بشرح دواوين السنة، وبيان ما انطوت عليه من العقائد والفقه والأحكام، وكانت كتب الغريب بالنسبة لهم كالمفاتيح، إذ لم يتوقفوا عند امتلاكها، واطلاعهم عليها، وسماعها، وروايتها بل استثمروها، واستثمروا غيرها من القواعد والأصول وعلوم الآلة، فصنفوا في الفقه والتفسير والعقيدة والحديث.
وأول من صنف في شرح كتاب مخصوص من كتب السنة الستة، هو الإمام أبو سليمان الخطابي (٣٨٨ هـ)، بكتابين نفيسين، وهما: أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، ومعالم السنن في شرح سنن أبي دواد.
ثم ألف أبو جعفر أحمد الداودي التلمساني (٤٠٢ هـ)، كتاب النصيحة في شرح صحيح البخاري، وهو في حكم المفقود، وفي نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس الهجريين، ظهرت لأول مرة شروح صحيح الإمام مسلم.
ومن بين هذه الشروح كتاب:(التحرير في شَرحِ مُسلِم)، وهو شرح حاول فيه صاحبه - الذي كان إماما في اللغة والفقه - أن يسلك المسلكين معا، وأن يجمع في كتابه بين تفسير الغريب وفقه الحديث، وبين الغريبين لأبي عبيد، ومعالم الخطابي، إذ جعلهما من أهم مصادره في الكتاب.
فالإمام الأصبهاني أراد بكتابه هذا؛ أن يسهم في الحركة العلمية، بالتصنيف على هذا الوجه المخصوص، الذي لم يسبقه إليه أحد من شراح مسلم،