للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذلك أن يترجم الأبواب، وكذلك فعل، فإذا اتضح هذا المعنى، ظهرت عبقرية الإمام مسلم الفذة، وحكمته البالغة في عدم التبويب، وأن من رام ذلك وقع في تكلف لمخالفته طبيعة الترتيب الذي وضعه صاحبه، ولهذا قال السيوطي : (وَكَانَ الصَّوَابُ تَركُ ذَلِكَ، وَلِهَذَا تَجِدُ النُّسَخَ القَدِيمَةَ لَيسَ فِيهَا أَبَوَابُ البَتَّةَ) (١).

وحتى عندما اجتهد العلماء في تبويبه، تيسيرا على طالب الفقه، لم تكن تلك سهلة يسيرة، فشاب المحاولات الأولى شيء من التكلف، والقصور، والتكرار ونحو ذلك، ما اضطرهم أحيانا إلى التقديم والتأخير، كما اعترف بذلك الإمام القرطبي، وهو من العلماء الذين خدموا صحيح مسلم، وأسهموا في الترجمة لأبوابه، قال : (وربما قدَّمت بعض الأحاديث وأخَّرتُ حيثما إليه اضطررت؛ حرصًا على ضمّ الشيء لمشاكله؛ وتقريبًا له على مُتَناوله) (٢).

ولعل تبويبات التحرير في شرح مسلم، من الاجتهادات الأولى في هذا الاتجاه، سواء كانت من المؤلف، أو كانت منقولة من نسخ وروايات سابقة، وهي تراجم تتسم -في عمومها- بما يلي:

* صياغتها بألفاظ قريبة، تبين عن معاني الأحاديث الواردة تحتها بشكل جد مبسط، كقوله مثلا: باب مقدار ما تجب فيه الزكاة باب الدعاء لصاحب الطعام .. ونحو ذلك، وهو الغالب على تراجمه.

* بعضها يحمل أحكاما تكليفية ظاهرة، كقوله: باب كراهية الإمارة لمن سألها باب النهي عن الحلف بغير الله باب تحريم بيع الخمر باب إباحة النظر


(١) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج: ص ٧٥.
(٢) المفهم ١/ ١٠٥.

<<  <   >  >>