للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على عباده، فلم يطلع عليه نبيا مرسلا، ولا ملكا مقربا، لأنه خلقهم ليتعبدهم ويمتحنهم، قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، وقد نقلنا عن علي أنه خلقهم ليأمرهم بالعبادة (١)، فلو كشف لهم عن سر ما قضى وقدر لهم وعليهم في عواقب أمورهم، لافتتنوا وفَتروا عن العمل، واتكلوا على مصير الأمر في العاقبة، فيكون قُصَاراهم عند ذلك أمنٌ أو قنوطٌ، وفي ذلك بطلان العبادة، وحَجَب عليهم علم القضاء والقدر، وعلَّقهم بين الخوف والرجاء والطمع والوجل، ليبلُوَ سعيَهم واجتهادَهم، وليَمِيز الخبيث من الطيب، والله الحجة البالغة (٢).

وقد روي أن سر القدر لا يكشف للخلق، حتى إذا دخلوا الجنة فعند ذلك يطلعون عليه، وذلك أنها دار الخلود، والبلوى زائلة، والتعبد عن أهلها موضوع، والله لطيف بعباده، وهو الجواد الكريم.

[٨٣٣] وحديث أبي هريرة : (وَاسْتَعِن بِاللهِ وَلَا تَعجَز) (٣)؛ فيه نفي لقول القدرية، إذ قال: (استَعِن بِاللهِ)، وفيه الأمر بالتسليم لأقدار الله إذ قال: (فَلَا تَقُل لَو أَنِّي فَعَلتُ لكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُل قَدَرُ اللهِ)؛ أي: مضى بقدر الله.


(١) يقصد أبو المظفر السمعاني ما سبق له نقله عن علي في تفسير هذه الآية، حيث قال: (ليعبدون)؛ أي: لأمرهم بالعبادة، ينظر تفسير السمعاني: ٥/ ٢٦٤.
(٢) ينظر كذلك كتاب الحجة للمؤلف: ٢/ ٣٠.
(٣) حديث أبي هريرة: أخرجه مسلم برقم: ٢٦٦٤، وأخرجه ابن ماجة برقم: ٧٩.

<<  <   >  >>