وأضمرت لِأَن حُرُوف الِاسْتِفْهَام للأفعال فَلَو كَانَ الْفِعْل ظَاهرا لَكَانَ على غير إِضْمَار نَحْو قَوْلك: مَا زلت وَعبد الله حَتَّى فعل لِأَنَّهُ لَيْسَ يُرِيد مَا زلت وَمَا زَالَ عبد الله وَلكنه أَرَادَ: مَا زلت بِعَبْد الله فَكَانَ الْمَفْعُول مخفوضاً بِالْبَاء فَلَمَّا زَالَ مَا يخفضه وصل الْفِعْل إِلَيْهِ فنصبه كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا.
فالواو فِي معنى مَعَ وَلَيْسَت بخافضة فَكَانَ مَا بعْدهَا على الْموضع فعلى هَذَا ينشد هَذَا الشّعْر:
(فَمَا لَك والتلدد حول نجد ... وَقد غصّت تهَامَة بِالرِّجَالِ)
وَلَو قلت: مَا شَأْنك وزيداً لاختير النصب لِأَن زيدا لَا يلتبس بالشأن لِأَن الْمَعْطُوف على)
الشَّيْء فِي مثل حَاله. وَلَو قلت: مَا شَأْنك وشأن زيد لرفعته لِأَن الشَّأْن يعْطف على الشَّأْن.
وَهَذِه الْآيَة تفسر على وَجْهَيْن من الْإِعْرَاب: أَحدهمَا هَذَا وَهُوَ الأجود فِيهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: فَأَجْمعُوا أَمركُم
وشركاءكم فَالْمَعْنى وَالله أعلم مَعَ شركائكم لِأَنَّك تَقول: جمعت قومِي وأجمعت أَمْرِي وَيجوز أَن يكون لما أَدخل الشُّرَكَاء مَعَ الْأَمر حمله على مثل لَفظه لِأَن الْمَعْنى يرجع إِلَى شَيْء وَاحِد فَيكون كَقَوْلِه:
(يَا لَيْت زَوجك قد غَدا ... مُتَقَلِّدًا سَيْفا ورمحا)
شرّاب ألبان وَسمن وأقط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute