أنّه قد عهد تقدّم الْمَفْعُول على الْفَاعِل الْمَرْفُوع لفظا فاستمرّت لَهُ هَذِه الْمرتبَة مَعَ الْفَاعِل تَقْديرا فَإِن الْمصدر لَو كَانَ منوّناً لجَاز تَقْدِيم الْمَفْعُول على فَاعله نَحْو أعجبني ضرب عمرا زيد فَكَذَا فِي الْإِضَافَة.
وَقد ثَبت جَوَاز الْفَصْل بَين حرف الجرّ ومجروره مَعَ شدَّة الِاتِّصَال بَينهمَا أَكثر من شدته بَين المتضايفين كَقَوْلِه تَعَالَى: فبمَا نقضهم ميثاقهم فبمَا رحمةٍ وَالْمَفْعُول المقدّم هُوَ فِي غير مَوْضِعه معنى فَكَأَنَّهُ مُؤخر لفظا. وَلَا الْتِفَات إِلَى قَول من زعم أَنه لم يَأْتِ فِي الْكَلَام المنثور مثله. لأنّه نافٍ وَمن أسْند هَذِه الْقِرَاءَة مثبتٌ وَالْإِثْبَات مرجّح على النَّفْي بِإِجْمَاع. وَلَو نقل إِلَى هَذَا الزاعم عَن بعض الْعَرَب أَنه اسْتَعْملهُ فِي النثر لرجع إِلَيْهِ فماباله لَا يَكْتَفِي بناقل الْقِرَاءَة من التَّابِعين عَن الصَّحَابَة هَذَا زبدة مَا أوردهُ السّمين وَمثله كَلَام الجعبريّ فِي شرح الشاطبيّة وَالله أعلم.
وَأنْشد بعده وَهُوَ
٣ - (الشَّاهِد الْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة)
وَهُوَ من أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute