ثمَّ إنّ مجاشعاً وقف على خبر علّة نصر فَدخل عَلَيْهِ عَائِدًا فلحقته رقّة لما رأى بِهِ من الدّنف فَرجع إِلَى بَيته وَقَالَ لشميلة: عزمت عَلَيْك لّما أخذت خبْزًا فلبكته بِسمن ثمّ بادرت بِهِ إِلَى نصر.
فبادرت بِهِ إِلَيْهِ فَلم يكن بِهِ نهوض فضمّته إِلَى صدرها وَجعلت تلقمه بِيَدِهَا فَعَادَت قواه وبرأ كَأَن لم تكن بِهِ قلبه فَقَالَ بعض عوّاده: قَاتل الله الْأَعْشَى حَيْثُ قَالَ: السَّرِيع
وَقَالَ المدائنيّ: إِن عمر لما أخرج نصرا من الْمَدِينَة إِلَى الْبَصْرَة قَالَ نصر: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أعلمهم أنّك إنّما أخرجتني لهَذَا الشّعر لَا لغيره.
وَرُوِيَ عَن قَتَادَة أَن نصرا لما أَتَى الْبَصْرَة دخل مجاشع بن مَسْعُود عَائِدًا لَهُ وَعِنْده شميلة بنت جُنَادَة بن أبي أزيهر فَجرى بَينهمَا كلامٌ وَلم يفهم مِنْهُ مجاشع إلاّ كلمة وَاحِدَة من نصر: قَالَ: وَأَنا.)
فَلَمَّا خرج نصرٌ قَالَ لَهَا: مَا قَالَ لَك قَالَت: قَالَ لي: كم لبن ناقتكم هَذِه فَأَخْبَرته قَالَ: مَا هَذَا جَوَاب كَلَامه وَأرْسل إِلَى نصر فَسَأَلَهُ وَأعظم عَلَيْهِ فَقَالَ: قَالَت لي إنّي أحبّك حبّاً شَدِيدا لَو كَانَ فَوْقك لأظلّك وَلَو كَانَ تَحْتك لأقلّك فَقلت: وَأَنا. قَالَ: فَأنْزل لَك عَنْهَا قَالَ: أذكّرك الله أَن يبلغ هَذَا مَعَ مَا فعل