الْبَاء جارّة للْخَبَر بعد مَا لَا يلْزم مِنْهُ كَون الْخَبَر مَنْصُوب الْمحل بل جَازَ أَن يُقَال هُوَ مَنْصُوب المحلّ وَأَن يُقَال هُوَ مَرْفُوع المحلّ وَإِن كَانَ الْمُتَكَلّم بِهِ حجازياً فإنّ الحجازيّ قد يتَكَلَّم بِغَيْر لغته وَغَيره يتكلّم بلغته. إلاّ أنّ الظَّاهِر أنّ محلّ الْمَجْرُور نصبٌ إِن كَانَ الْمُتَكَلّم حجازياً ورفعٌ إِن كَانَ تميمياً أَو نجدياً.
قَالَ: فَمن دُخُول اللُّغَة التميمية فِي الحجازية كسر هَاء الْغَائِب بعد كسرة أَو يَاء سَاكِنة وإدغام نَحْو: وَلَا يضارّ كاتبٌ وَلَا شهيدٌ وَرفع الله من قَوْله تَعَالَى: قل لَا يعلم من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إلاّ الله لأنّ اللُّغَة الحجازيّة بِهِ وَفِيه بِالضَّمِّ وَلَا يضارر بالفكّ وإلاّ الله بِالنّصب لأنّ الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع.
قَالَ: وَإِذا جَازَ للحجازيّ أَن يتَكَلَّم باللغة التميميّة جَازَ للتميميّ أَن يتَكَلَّم باللغة الحجازيّة بل)
التميميّ بذلك أولى لوَجْهَيْنِ:
أَحدهمَا: أنّ الحجازية أفْصح وانقياد غير الْأَفْصَح لموافقة الْأَفْصَح أَكثر وقوعاً من الْعَكْس.
وَالثَّانِي: أنّ مُعظم الْقُرْآن حجازيّ والتميميّون متعبّدون بتلاوته كَمَا أنزل وَلذَلِك لَا يقْرَأ أحد مِنْهُم مَا هَذَا بشر إلاّ من جهل كَونه منزلا. هَذَا مَا قَالَه وَفِيه نظر لَا يَلِيق بِهَذَا الْموضع. انْتهى مَا أوردهُ الشّاطبي.
وروى الفرّاء هَذَا الْبَيْت فِي تَفْسِيره كَذَا:
(أما وَالله أَن لَو كنت حرّا ... وَمَا بالحرّ أَنْت وَلَا الْعَتِيق)
أنْشدهُ فِي سُورَة الجنّ عِنْد قَوْله تَعَالَى: وَإِن استقاموا على الطّريقة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute