وَكَانَ السَّبَب فِي القصيدة: أنّه كَانَ لمَالِك بن العجلان مولى يُقَال لَهُ بجير جلس مَعَ نفر من الْأَوْس من بني عَمْرو بن عَوْف فتفاخروا فَذكر بجيرٌ مَالك بن العجلان ففضّله على قومه وَكَانَ سيّد الحيّين فِي زَمَانه: الْأَوْس والخزرج فَغَضب جماعةٌ من كَلَام بجير وَعدا عَلَيْهِ رجلٌ من الْأَوْس يُقَال لَهُ سمير من زيد بن مَالك أحد بني عَمْرو بن عَوْف فَقتله فَبعث مَالك إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف: أَن ابْعَثُوا إليّ بسمير حَتَّى أَقتلهُ بمولاي وإلاّ جرّ ذَلِك الْحَرْب بَيْننَا.
فبعثوا إِلَيْهِ: إنّا نعطيك الرِّضَا فَخذ منا عقله. فَقَالَ: لَا آخذ إلاّ دِيَة الصّريح وَهِي عشرٌ من الْإِبِل: ضعف دِيَة الْمولى وَهِي خمس فَقَالُوا: إنّ هَذَا مِنْك استذلالٌ لنا وبغيٌ علينا فَأبى مالكٌ إلاّ أَخذ دِيَة الصّريح فَوَقَعت الْحَرْب بَينهم فَاقْتَتلُوا قتالاً شَدِيدا حَتَّى نَالَ بعض الْقَوْم من بعض.
ثمَّ إنّ رجلا من الْأَوْس نَادَى: يَا مَالك نشدتك الله والرّحم أَن تجْعَل بَيْننَا حكما من قَوْمك فارعوى مالكٌ وحكّموا عَمْرو بن امْرِئ الْقَيْس صَاحب القصيدة الَّتِي ذَكرنَاهَا فَقضى لمَالِك بن العجلان بدية الْمولى فَأبى مَالك وآذن بِالْحَرْبِ فخذلته بَنو الْحَارِث لردّة قَضَاء عَمْرو.
وَأنْشد يَقُول: المنسرج
(إنّ سميراً أرى عشيرته ... قد حدبوا دونه وَقد أنفوا)