للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبَسِيط

(أَقُول للنّفس تأساءً وتعزيةً ... إِحْدَى يديّ أصابتني وَلم ترد)

وَقَوله: الرجز

(قَالَت لَهُ النّفس تقدّم راشدا ... إنّك لَا ترجع إلاّ حامدا)

وأمثال هَذَا كثير جدا وَجَمِيع هَذَا يدلّ على أنّ نفس الشَّيْء عِنْدهم غير الشَّيْء.

فَإِن قلت: فقد تَقول هَذَا أَخُو غُلَامه وَهَذِه جَارِيَة بنتهَا فتعرّف الأول بِمَا أضيف إِلَى ضَمِيره وَالَّذِي أضيف إِلَى ضَمِيره إنّما تعرّف بذلك الضَّمِير وَنَفس الْمُضَاف الأول متعرّف بالمضاف إِلَى ضَمِيره وَقد ترى على هَذَا أنّ التَّعْرِيف الَّذِي استقرّ فِي جَارِيَة من قَوْلك هَذِه جَارِيَة بنتهَا إنّما أَتَاهَا من قبل ضميرها وضميرها هُوَ هِيَ فقد آل الْأَمر إِذا إِلَى أنّ الشَّيْء قد يعرّف نَفسه وَهَذَا خلاف مَا ركبته وَأعْطيت يدك بِهِ.

قيل: كَيفَ تصرّفت الْحَال فالجارية إنّما تعرّفت بالبنت الَّتِي هِيَ غَيرهَا وَهَذَا شَرط التَّعْرِيف من جِهَة الْإِضَافَة فَأَما ذَلِك الْمُضَاف إِلَيْهِ أمضاف هُوَ أم غير مُضَاف فَغير قَادِح.

والتعريف الَّذِي أَفَادَهُ ضمير الأول لم يعرّف الأول وَإِنَّمَا عرّف مَا عرّف الأوّل وَالَّذِي عرّف الأول غير الأوّل فقد استمرت الصّفة وَسَقَطت الْمُعَارضَة.

ويؤكذ ذَلِك أَيْضا أنّ الْإِضَافَة فِي الْكَلَام على ضَرْبَيْنِ:)

أَحدهمَا: ضمّ الِاسْم إِلَى اسمٍ هُوَ غَيره بِمَعْنى اللَّام نَحْو غُلَام زيد. وَالْآخر: ضمّ اسْم إلأى اسْم هُوَ بعضه بِمَعْنى من نَحْو هَذَا ثوب خزٌ. وَكِلَاهُمَا لَيْسَ الثَّانِي فِيهِ بالأوّل. واستمرار هَذَا عِنْدهم يدلّ على أَن الْمُضَاف لَيْسَ بالمضاف إِلَيْهِ الْبَتَّةَ انْتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>