زيارته فإنّه طرفٌ ملول وَلَا تفاخره وَإِن فاخرك فإنّه لَا يحْتَمل لَك مَا كنت أحتمله.
ثمَّ دَعَا سعيدٌ بِمَال فَدفعهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: اسْتَعِنْ بِهَذَا على سفرك فَإِن صلح لَك مَكَانك من عبّاد وإلاّ فمكانك عِنْدِي ممهّد. ثمَّ سَار سعيد من خُرَاسَان وَلما بلغ عبيد الله بن زِيَاد صُحْبَة ابْن مفرّغ أَخَاهُ عباداً شقّ عَلَيْهِ فَلَمَّا سَار عبّاد إِلَى سجستان أَمِيرا عَلَيْهَا شيّعه عبيد الله وشيّعه النَّاس فَلَمَّا أَرَادَ عبيد الله أَن يودّع أَخَاهُ دَعَا ابْن مفرّغ فَقَالَ لَهُ: إنّك سَأَلت أخي عباداً أَن تصحبه فأجابك إِلَى ذَلِك وَقد شقّ عليّ فَقَالَ ابْن مفرّغ: وَلم أصلحك الله فَقَالَ: لأنّ الشَّاعِر لَا يقنعه من النَّاس مَا يقنع بَعضهم من بعض لِأَنَّهُ يظنّ فَيجْعَل الظنّ يَقِينا وَلَا يعْذر فِي بعض الْعذر وإنّ عبّاداً يقدم على أَرض حربٍ فيشتغل بحروبه وخراجه عَنْك فَلَا تعذره فتكسبنا عاراً وشرّاً فَقَالَ: لست كَمَا ظنّ الْأَمِير وإنّ لمعروفه عِنْدِي شكرا كثيرا وإنّ عِنْدِي إِن أغفل أَمْرِي عذرا ممهّداً. قَالَ: لَا وَلَكِن تضمن لي إِن أَبْطَأَ عَنْك مَا تحبّه أَلا تعجل عَلَيْهِ حتّى تكْتب إليّ. قَالَ: ثمَّ لإنّ عبّاداً لما قدم سجستان اشْتغل بحروبه فاستبطأه ابْن مفرّغ وَلم يكْتب إِلَى عبيد الله كَمَا ضمن لَهُ وَلَكِن بسط لِسَانه وهجاه وَكَانَ عبّادٌ عَظِيم اللِّحْيَة فسارا ابْن مفرّغ يَوْمًا مَعَ عبّاد فَدخلت الرّيح فِيهَا فنفشتها فَضَحِك ابْن مفرّغ وَقَالَ لرجل من لخم كَانَ إِلَى جَانِبه: الوافر
(أَلا لَيْت اللّحى كَانَت حشيشاً ... فنعلفها دَوَاب المسلمينا))
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute