ثمَّ قَوْله: إِن هَذَا الْبَيْت أنْشدهُ الْأَخْفَش والفرّاء أَقُول: نقل الفرّاء لهَذَا الْبَيْت لَيْسَ لتأييد قِرَاءَة ابْن عَامر الْآتِيَة وَإِنَّمَا نَقله لِلطَّعْنِ فِيهِ بِأَنَّهُ كَلَام من لَا يوثق بِهِ كَمَا يظره لَك من كَلَام الفرّاء الْآتِي.
قَالَ ابْن جنّي فِي الخصائص: قد فصل بالمفعول بِهِ مَعَ قدرته أَن يَقُول: زجّ القلوص أَبُو مزاده.
وَفِيه عِنْدِي دَلِيل على قوّة إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْفَاعِل عِنْدهم وَأَنه فِي نُفُوسهم أقوى من إِضَافَته إِلَى الْمَفْعُول. أَلا ترَاهُ ارْتكب هَاهُنَا الضَّرُورَة مَعَ تمكنّه من ترك ارتكابها لَا لشَيْء غير الرَّغْبَة فِي إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْفَاعِل دون الْمَفْعُول. وَهَذَا فِي النثر وَحَال السّعة صعبٌ جدّاً لَا سيّما والمفصول بِهِ مفعول لَا ظرف اه.)
وَبِقَوْلِهِ: لَا لشَيْء غير الرَّغْبَة الخ يعلم أنّ قَول العينيّ: إنّ قَائِله لَيْسَ لَهُ عذر فِي هَذَا لاّ مسّ الضَّرُورَة لإِقَامَة الْوَزْن صادرٌ من غير رويّة وفكر.
وَنقل جمَاعَة عَن ابْن جنّي فِي تَوْجِيهه: أنّه يقدّر فِي الأول مُضَاف إِلَيْهِ وَفِي الثَّانِي مُضَاف وَالتَّقْدِير: زجّ أبي مزاده القلوص قلُوص أبي مزادة على أَن يكون قلُوص بَدَلا من القوص وتعسّفه ظَاهر. وَنقل ابْن الْمُسْتَوْفى عَن الزمخشريّ فِي حَوَاشِيه أنّه قَالَ: الْوَجْه أَن يجرّ القلوص وَيجْعَل أبي مزادة بعده مجروراً بمضاف مَحْذُوف تَقْدِيره: قلُوص أبي مزادة كَمَا فِي: المتقارب
ونارٍ توقّد باللّيل نَارا اه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute