فَهَذَا وَجه تَشْدِيد الْمِيم عِنْدِي
فَإِن قلت: إِذا كَانَ أصل فَم عنْدك فوه فَمَا تَقول فِي قَول الفرزدق: هما نفثا فِي فيّ من فمويهما وَإِذا كَانَت الْمِيم بَدَلا من الْوَاو فَكيف جَازَ لَهُ الْجمع بَينهمَا فَالْجَوَاب: أَن أيا عليّ حكى لنا عَن أبي بكر وَأبي إِسْحَاق أَنَّهُمَا ذَهَبا إِلَى أنّ الشَّاعِر جمع بَين الْعِوَض والمعوّ مِنْهُ لأنّالكلمة مجهورة منقوصة.
وَأَجَازَ أَبُو عليّ أَيْضا فِيهِ وَجها آخر وَهُوَ أَن تكون الْوَاو فِي فمويهما لَا مَا فِي مَوضِع الْهَاء من الإفواه وَتَكون الْكَلِمَة يعتقب عَلَيْهَا لامان: هَاء مرّة وواو أُخْرَى فيجرى هَذَا مجْرى سنة وعضة.
أَلا نراهما فِي قَول من قَالَ سنوات وأسنتوا ومساناة وعضوات واويّين وتجدهما فِي قَول من قَالَ سنة سنهاء وبعير عاضه عائيّين. وَإِذا ثَبت بِمَا قدّمناه أَن عين فَم فِي الأَصْل وَاو فَيَنْبَغِي أَن يقْضى بسكونها لأنّ السّكُون هُوَ الأَصْل.)
فَإِن قلت: فهلاّ قضيت بحركة الْعين بجمعك إيّاه على أَفْوَاه نَحْو بَطل وابطال وَقدم وأقدام ورسن وأرسان فَالْجَوَاب: أَن فعلا مِمَّا عينه واوٌ بَابه أَيْضا أَفعَال كسوط وحوض وأحواض ففوهٌ لأنّ عينه واوٌ بِسَوْط أشبه مِنْهُ بقدم ورسن. فاعرف ذَلِك. انْتهى كَلَام ابْن جنّي بِاخْتِصَار قدر النّصْف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute