وَجه التئامهما على تقاربهما وَهل يجوز أَن يتجلد فِي هَذَا ثمَّ يَقُول بعقبه: لعمري لأَنْت الْبَيْت أكْرم أَهله وَالْجَوَاب أَن هَذَا وفْق مَا تقدمه وَغير مُخَالف لَهُ لكنه أظهر الاستسلام لَهَا ولرأيها فَإِن وصلت حبله دَامَ على مصافاتها لَا يُشْرك أحدا فِي ودها وَإِن صرمت وده وقف عِنْد محدودها فِي الِانْصِرَاف ومرسومها لَا يسْتَعْمل مُنْكرا وَلَا يتعاطى رفثاً وَلَا هجراً.
وَهَذَا من الْآدَاب المحمودة فِيمَا يجْرِي عَلَيْهِ المتحابان. وَيدل على مَا قُلْنَا إِن أَبَا ذُؤَيْب أَمر نَفسه بالدوام إِن رَأَتْ الْوَصْل والدوام على الْوَصْل زِيَادَة عَلَيْهِ وثبات فِيهِ وبالانصراف عَنْهَا على أجمله إِن رَأَتْ الصرم إِلَى أَن ترى غَيره. وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَمَا أظهر زهداً فِيهَا.
وَقَوله: وَمَا ضرب بَيْضَاء الخ عاود وصف الْمَرْأَة. وَالضَّرْب: الشهدة وَيُقَال: استضرب الْعَسَل إِذا خثر فصلب. وَهُوَ ضرب وضريب. وَالْعَسَل فِي لغتهم مُؤَنّثَة فَلذَلِك قَالَ بَيْضَاء.
وَقَوله: يأوي مليكها أَرَادَ بِهِ اليعسوب وَهُوَ قَائِد النَّحْل وأضاف المليك إِلَى الْعَسَل توسعاً وَإِنَّمَا هُوَ مليك النَّحْل المعسلة. والطنف بِفَتْح الطَّاء وَضمّهَا: حيد نَادِر من الْجَبَل. وَالْمعْنَى: مَا عسل بَيْضَاء يأوي نحلهَا إِلَى أنف من الْجَبَل يعيي الراقي إِلَيْهِ والنازل مِنْهُ.
وَقَوله: تهال الْعقَاب الخ قَالَ الْبَاهِلِيّ: الريد: شِمْرَاخ فِي الْجَبَل. وَقَالَ أَبُو نصر: الريد: مَا نتأ من الْجَبَل فَخرج مِنْهُ حرف. والدروء: جمع الدرء وَهُوَ الحيد يدْفع مَا يلاقيه. وَمِنْه تدارأ الرّجلَانِ إِذا تدافعا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ الْأنف المعوج. وَالْمعْنَى: أَن ذَلِك الْجَبَل تهاب الْعقَاب من الْمُرُور بحرفه لإشرافه وعلوه واعوجاج أَطْرَافه وأنوفه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute