للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمن كَانَت هَذِه سَبيله فَلَيْسَ كذبه إِلَّا من جِهَة بطول أمله. وَقد خُولِفَ هَذَا اللّغَوِيّ.

انْتهى. وَمِنْه قَول سِيبَوَيْهٍ: وَهُوَ محالٌ كذب أَي: بَاطِل وفاسد قَالَه فِي الْكَلَام المختل وَهُوَ الَّذِي لَا تحصل فَائِدَته نَحْو: سَوف أشْرب مَاء الْبَحْر أمس وَقد شربت مَاء الْبَحْر غَدا. قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَذكرته: وَخَالفهُ فِيهِ أَصْحَابه: الْأَخْفَش والمازني والمبرد فَقَالُوا: هَذَا الْقسم محالٌ وَلَيْسَ كذب لِأَنَّهُ لَا يحصل لَهُ معنى. وَالْكذب سَبيله أَن يَقع لما يُخَاطب بِمَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو بكر: وَقَول سِيبَوَيْهٍ عِنْدِي صَحِيح لِأَن الْكَذِب يَقع على الْفَاسِد من القَوْل كَمَا يَقع الصدْق على الصَّحِيح مِنْهُ. وجائزٌ عِنْدِي أَن يُقَال محالٌ لكل مَا لَا يحصل مَعْنَاهُ من الْخَطَأ وَالْكذب من حَيْثُ أَن تأميل الْمحَال فِي اللُّغَة المغير عَن

الصَّوَاب المزال عَن طَرِيق الصِّحَّة. فَمن كذب وَأَخْطَأ فِي قَول يفهم عَنهُ فقد أحَال. انْتهى. قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وَمِمَّا يدل على أَن كذب بِمَعْنى أَخطَأ وَهُوَ مصحح لقَوْل سِيبَوَيْهٍ ومبطل لمَذْهَب مخالفيه: أَن عُرْوَة بن الزبير ذكر عِنْد عمر بن عبد الْعَزِيز مَا كَانَت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها تخص بِهِ عبد الله بن الزبير من الْبر والأثرة والمحبة فَقَالَ لَهُ عمر: كذبت وبالحضرة عبيد الله بن عبد الله فَقَالَ: إِنِّي مَا كذبت وَإِن أكذب الْكَاذِبين لمن كذب الصَّادِقين. قَالَ أَبُو بكر: فَلَا يحمل هَذَا من قَول عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَّا على أَنه أَرَادَ أَخْطَأت إِذْ الْمَعْنى الآخر يلْزم عمر كذبا فيأثم. وَجَوَاب عُرْوَة وَقع على غير الْمَعْنى الَّذِي قصد لَهُ عمر لِأَنَّهُ)

حِين غضب حمل كذب على معنى قلت غير الْحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>