عبد الله الشهير بِابْن بر الْمَقْدِسِي أَن تكون هَذِه الْكَلِمَة فِي هَذَا الْمثل غير عَرَبِيَّة وَذهب إِلَى أَنَّهَا صفة مشبهة من الدهاء وَهُوَ الفطنة ورد على ملك النُّحَاة فِي زَعمه أَنَّهَا أَعْجَمِيَّة فِي الأَصْل بِمَعْنى اسْم الْفِعْل. وَلَقَد أَجَاد فِيمَا أَفَادَ وحقق مدعاه فَوق المُرَاد فَلَا بَأْس بِنَقْل كلاميهما. قَالَ أَبُو نزار الملقب بِملك النُّحَاة فِي مسَائِله الَّتِي سَمَّاهَا الْمسَائِل الْعشْر المنبوذة بإتعاب الْفِكر إِلَى الْحَشْر وتحدى بهَا فِي قصَّة يطول ذكرهَا: الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَهِي مَسْأَلَة سُئِلت عَنْهَا بغزنة لما دَخَلتهَا فبينت مشكلها للْجَمَاعَة وأوضحتها.
وَذَلِكَ أَنِّي سُئِلت عَن قَول الراجز: وقولٌ إِلَّا دهٍ فَلَا ده)
فَذكرت أَن هَذِه من بَاب كلماتٍ نابت عَن الْفِعْل فَعمِلت عمله. وده فِي كَلَام الْعَرَب بِمَعْنى صَحَّ أَو يَصح. أَلا ترى أَن قوما جاؤوا إِلَى سطيحٍ الكاهن وخبؤوا لَهُ خبيئة وسألوه فَلم يُصَرح فَقَالُوا: لَا ده. أَي: لَا يَصح مَا قلت. فَقَالَ لَهُم: إِلَّا ده فَلَا ده حَبَّة برٍّ فِي إحليل مهر فَأصَاب.
فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِلَّا يَصح فَلَا يَصح أبدا لكني أَقُول فِي الْمُسْتَقْبل مَا تشهد لَهُ الصِّحَّة. فَكَانَ كَمَا قَالَ. إِلَّا أَن التَّنْوِين فِي هَذِه الْكَلِمَة لَيْسَ كتنوين رجل وَفرس وَلكنه تَنْوِين تنكير.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute