على أَن أَبَا عَليّ قَالَ فِي كتاب الشّعْر: إِن جملَة يكون صفة ل حَيْثُ لَا أَنَّهَا مُضَاف إِلَيْهِ. لِأَن حَيْثُ هُنَا اسْم بِمَعْنى مَوضِع لَا أَنَّهَا بَاقِيَة على الظَّرْفِيَّة. وَكتاب الشّعْر يُقَال لَهُ: إِيضَاح الشّعْر وإعراب الشّعْر أَيْضا. وَقد تكلم على هَذَا المصراع وأجاد الْكَلَام فِيهِ فَيَنْبَغِي أَن نثبته هُنَا إيضاحاً لَهُ. والمصراع من قصيدة طَوِيلَة عدتهَا تِسْعَة وَتسْعُونَ بَيْتا للفرزدق هجا بهَا جَرِيرًا.
وَلَا بُد من نقل بَيْتَيْنِ مِنْهَا ليتضح مَعْنَاهُ وهما:
(إِنَّا لنضرب رَأس كل قبيلةٍ ... وَأَبُوك خلف أتانه يتقمل)
(يهز الهرانع عقده عِنْد الخصى ... بأذل حَيْثُ يكون من يتذلل)
قَالَ أَبُو عَليّ: أنْشدهُ بعض البغداديين وَزعم أَن حَيْثُ يكون اسْما وَالْقَوْل فِي ذَلِك أَن أفعل لَا يُضَاف إِلَّا إِلَى مَا هُوَ بعضه فَإِذا كَانَ كَذَا فَإِنَّهُ يُرَاد بِهِ الْموضع لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى مَوَاضِع وَجَاز أَن يُرَاد بِحَيْثُ الْكَثْرَة لإبهامها كَمَا تَقول أفضل رجل.
وَكَذَلِكَ لما أضَاف أذلّ صَار كَأَنَّهُ قَالَ: بأذل مَوضِع فَحَيْثُ مَوضِع وَلَا يجوز مَعَ الْإِضَافَة إِلَيْهَا أَن تكون ظرفا كَقَوْلِك: يَا سَارِق اللَّيْلَة أهل الدَّار وَقد حكى قطرب فِيهَا الْإِعْرَاب. وَمِمَّا جَاءَ حَيْثُ مَفْعُولا بِهِ قَوْله تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute