وَأنْشد بعده وَهُوَ الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ (الْكَامِل)
٤٤ -
(لَا أشتهي يَا قوم إِلَّا كَارِهًا ... بَاب الْأَمِير وَلَا دفاع الْحَاجِب)
على أَن " بَاب الْأَمِير " مَنْصُوب ب " لَا أشتهي " مُقَدرا. وَالْمَسْأَلَة مفصلة فِي الشَّرْح أَيْضا. قَالَ أَمِين الدَّين الطبرسي، فِي شرح الحماسة: هُنَا " كَارِهًا " حَال، يَقُول: لَا أعلق شهوتي بورود بَاب الْأَمِير ومدافعة الْحَاجِب إِلَّا على كره؛ يصف ميله إِلَى البدو وَأَهله وإلفه إيَّاهُم. وَقَالَ السَّيِّد فِي حَاشِيَته على المطول: قصر فِيهِ الشَّاعِر نَفسه فِي زمَان اشتهائه بَاب الْأَمِير على صفة الْكَرَاهَة لَهُ؛ فَهُوَ من قصر الْمَوْصُوف على الصّفة. وَيُمكن أَن يُقَال: قصر فِيهِ اشتهاءه بَاب الْأَمِير عَلَيْهِ مَوْصُوفا بالكراهية لَهُ لَا يتعداه إِلَيْهِ مَوْصُوفا بِصفة الْإِرَادَة لَهُ، فَهُوَ من قصر الصّفة على الْمَوْصُوف. وَلَك أَن تَقول قصر اشتهاءه الْبَاب على أَنه مُجْتَمع مَعَ كراهيته لَهُ دون إِرَادَته إِيَّاه؛ فَيكون أَيْضا من قصر الْمَوْصُوف على الصّفة. ثمَّ اشتهاء الشَّيْء إِن لم يكن مستلزماً لإرادته لم يناف كَرَاهَته، فَجَاز أَن يكون الشَّيْء مشتهى مَكْرُوها كاللذات الْمُحرمَة عِنْد الزهاد، كَمَا جَازَ أَن يكون الشَّيْء مرَادا منفوراً عَنهُ، كشرب الْأَدْوِيَة الْمرة عِنْد المرضى. فَإِن قيل: الاشتهاء يسْتَلْزم الْإِرَادَة، فالجمع بَينه وَبَين الْكَرَاهِيَة باخْتلَاف الْجِهَة، فيشتهي الدُّخُول على الْأَمِير لما فِيهِ من التَّقَرُّب، يكرههُ لما فِيهِ من المذلة ودفاع الْحَاجِب، فبالحقيقة المشتهى هُوَ التَّقَرُّب، وَالْمَكْرُوه تِلْكَ المذلة. ا. هـ. وَبِهَذَا يعرف سُقُوط قَول بعض شرَّاح الحماسة هُنَا، فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ قَوْله " كَارِهًا " حَالا من أشتهي، لِأَنَّهُ لَا يكون كَارِهًا للشَّيْء مشتهياً لَهُ فِي حَال،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute