الطَّوِيل
(وَإِنِّي وَإِن كَانَ الْمُسَافِر نازلاً ... وَإِن كَانَ ذَا حق على النَّاس وَاجِب)
(فَلَا بُد أَن الضَّيْف مخبر مَا رأى ... مخبر أهلٍ أَو مخبر صَاحب)
(لمخبرك الأنباء عَن أم منزلٍ ... تضيفتها بَين العذيب فراسب)
(تلفعت فِي طل وريحٍ تلفني ... وَفِي طرمساء غير ذَات كواكب)
(فَمَا راعها إِلَّا بغام مطيتي ... تريح بمحسورٍ من الصَّوْت لاغب)
(تَقول وَقد قربت كوري وناقتي: ... إِلَيْك فَلَا تذْعَر عَليّ ركائبي)
(وجنت جنوناً من دلاثٍ مناخةٍ ... وَمن رجلٍ عاري الأشاجع شاحب)
(فَسلمت وَالتَّسْلِيم لَيْسَ يسرها ... وَلكنه حق على كل جَانب)
(فَردَّتْ سَلاما كَارِهًا ثمَّ أَعرَضت ... كَمَا انْحَازَتْ الأفعى مَخَافَة ضَارب)
(فَقلت لَهَا: لَا تفعلي ذَا براكبٍ ... أَتَاك مصيبٍ مَا أصَاب فذاهب)
(فَلَمَّا تنازعنا الحَدِيث سَأَلتهَا ... من الْحَيّ قَالَت: معشرٌ من محَارب)
(من المشتوين الْقد مِمَّا تراهم ... جياعاً وريف النَّاس لَيْسَ بناضب)
(فَلَمَّا بدا حرمانها الضَّيْف لم يكن ... عَليّ مناخ السوء ضَرْبَة لازب)
(وَقمت إِلَى مهريةٍ قد تعودت ... يداها ورجلاها خبيب المواكب)
ثمَّ وصف نَاقَته بِأَبْيَات وَقَالَ:
(أَلا إِنَّمَا نيران قيسٍ إِذا شتوا ... لطارق ليلٍ مثل نَار الحباحب)
والعذيب: مَاء أَسْفَل الرحبة. وراسب: قريبٌ مِنْهُ. والطل: الندى. والطرمساء بِالْكَسْرِ: الظلمَة.