للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَاتَانِ المسألتان صرح بهما سِيبَوَيْهٍ. وَهَذَا نَصه: وَتقول: سَار خمس عشرَة من بَين يومٍ وَلَيْلَة لِأَنَّك ألقيت الِاسْم على اللَّيَالِي ثمَّ بيّنت فَقلت: من بَين يَوْم وَلَيْلَة.

أَلا ترى أَنَّك تَقول: لخمسٍ بَقينَ أَو خلون وَيعلم الْمُخَاطب أَن الْأَيَّام قد دخلت فِي اللَّيْل فَإِذا ألقِي الِاسْم على اللَّيَالِي اكْتفي بذلك عَن الْأَيَّام كَمَا أَنَّك تَقول: أَتَيْته ضحوة وبكرة فَيعلم الْمُخَاطب أَنَّهَا ضحوة يَوْمك وبكرة يَوْمك. وَأَشْبَاه هَذَا فِي الْكَلَام كثير.

فَإِنَّمَا قَوْله: من بَين يَوْم وَلَيْلَة توكيدٌ بعد مَا وَقع على اللَّيَالِي لِأَنَّهُ قد علم أَن الْأَيَّام داخلةٌ مَعَ اللَّيَالِي.

قَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي:

(فطافت ثَلَاثًا بَين يومٍ وليلةٍ ... يكون النكير أَن تضيف وتجأرا)

وَتقول: أعطَاهُ خَمْسَة عشر من بَين عبدٍ وَجَارِيَة لَا يكون فِي هَذَا إِلَّا هَذَا لِأَن الْمُتَكَلّم لَا يجوز لَهُ أَن يَقُول: خَمْسَة عشر عبدا فَيعلم أَن ثمَّ من الْجَوَارِي بِعدَّتِهِمْ وَلَا خمس عشرَة جَارِيَة فَيعلم أَن ثمَّ من العبيد بعدتهن فَلَا يكون هَذَا إِلَّا مختلطاً وَيَقَع عَلَيْهِ الْإِثْم الَّذِي بَين بِهِ الْعدَد.

وَقد يجوز فِي الْقيَاس خَمْسَة عشر من بَين يَوْم وَلَيْلَة وَلَيْسَ بِحَدّ كَلَام الْعَرَب. انْتهى.)

وَقد عمم الشَّارِح الْمُحَقق فِي قَوْله: الْغَلَبَة للتذكير نَحْو اشْتريت عشرَة بَين عبد وَأمة وَرَأَيْت خَمْسَة عشر من النوق والْجمال.

وَفِي المثالين أَربع صور. والأول مِمَّن يعقل وَالثَّانِي مِمَّن لَا يعقل وَفِي كلٍّ مِنْهُمَا إِمَّا تَقْدِيم الْمُذكر وإِمَّا تَأْخِيره. والحكم فِي الصُّور الْأَرْبَع وَاحِد وَهُوَ تَأْنِيث الْعدَد.

<<  <  ج: ص:  >  >>