للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ بعض أهل اللُّغَة: من الْعَرَب من يَقُول: الدَّم بِالتَّشْدِيدِ كَمَا تلفظ الْعَامَّة وَهِي لُغَة ردية.

وأنشدوا لتأبط شرا: الرجز

(حَيْثُ الْتَقت بكرٌ وفهمٌ كلهَا ... وَالدَّم يجْرِي بَينهم كالجدول)

والعامة تفعل مثل هَذَا فِي الْفَم. وَمن الْعَرَب من يشدد الْفَم أَيْضا. وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِي الشّعْر قَالَ: يَا ليتها قد خرجت من فَمه انْتهى.)

والجحر بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة: الشق فِي الأَرْض.

وَقَوله: جرى الدميان إِلَخ أَرَادَ بالْخبر الْيَقِين مَا اشْتهر عِنْد الْعَرَب من أَنه لَا يمتزج دم المتباغضين. وَهَذَا تلميحٌ فِي غَايَة الْحسن أَي: لما امتزجا وَعرف مَا بَيْننَا من الْعَدَاوَة.

قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَعْنَاهُ لم يخْتَلط دمي وَدَمه من بغضي لَهُ وبغضه لي بل يجْرِي دمي يمنةً وَدَمه يسرة. ويوضحه قَول المتلمس من قصيدة: الطَّوِيل

(أحارث إِنَّا لَو تساط دماؤنا ... تزايلن حَتَّى لَا يمس دمٌ دَمًا)

وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي تَرْجَمَة المتلمس من كتاب الشُّعَرَاء: هَذَا الْبَيْت من إفراطه. يَقُول: إِن دِمَاءَهُمْ تنماز من دِمَاء غَيرهم. وَهَذَا محالٌ لَا يكون أبدا.

وَكَذَا قَالَ ابْن عبد ربه فِي العقد الفريد. وتساط بِالسِّين الْمُهْملَة يَعْنِي: تخلط. وَمِنْه قَول الْعَامَّة: لَو خلط دمي بدمه لما اخْتَلَط أَي: لباينه من شدَّة الْعَدَاوَة وَلم يمازجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>