للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقيل: أشرفت نَفسِي على الْهَلَاك. فَأَرَادَ بالوطاب جِسْمه. ومعور اسْم فَاعل من أَعور لَك الشَّيْء إِذا بَدَت لَك عَوْرَته وَهِي مَوضِع المخافة. وكل مَا طلبته فأمكنك فقد أعورك وأعور لَك.

وَقَوله: هما خطتا إِلَخ هَذَا مقول القَوْل. والخطة بِالضَّمِّ: الْحَالة والشأن. وَكَأَنَّهُم كَانُوا يريدونه على الْحَالَتَيْنِ فَأخذ يتهكم عَلَيْهِم ويحكي مقالتهم.

وَالْمعْنَى: لَيْسَ إِلَّا واحدةٌ من خَصْلَتَيْنِ على زعمكم: إِمَّا استئسارٌ والتزام منتكم إِن رَأَيْتُمْ الْعَفو. وَإِمَّا قتلٌ وَهُوَ بِالْحرِّ أَجْدَر مِمَّا يكسبه الذل. فهاتان الخصلتان هما

اللَّتَان أَشَارَ إِلَيْهِمَا بقوله: هما خطتا. وَقد ثلثهما بخطةٍ أُخْرَى ذكرهَا فِيمَا بعد. وَكله تهكم وهزءٌ.

وَقَوله: وَالْقَتْل بِالْحرِّ أَجْدَر اعتراضٌ بَين مَا عده من الْخِصَال. وَقَوله: وَأُخْرَى أصادي النَّفس إِلَخ المصاداة: إدارة الرَّأْي فِي تَدْبِير الشَّيْء أَو الْإِتْيَان بِهِ. يَقُول: وَهَا هُنَا خطة أُخْرَى أداري نَفسِي فِيهَا وَإِنَّهَا هِيَ الْموضع الَّذِي يردهُ الحزم ويصدر عَنهُ إِن فعلت.

وَإِنَّمَا قسم الْكَلَام هَذِه الْأَقْسَام لِأَنَّهُ رَآهُمْ يبتون أمره عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُ نظر إِلَى جهتي الْجَبَل فَعلم أَنه إِن رَضِي مَا أَرَادَهُ بَنو لحيان كَانَ فِيهِ إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ من الْأسر وَالْقَتْل بزعمهم. وَإِن احتال للجهة الْأُخْرَى فالحزم فِيهَا وخلاصه فِيهَا وَكَانَ أمرا ثَالِثا.

وَقَوله: وَإِنَّهَا لمورد حزم اعْتِرَاض أَيْضا.

وَهَذِه الأبيات الثَّلَاثَة من بَاب التَّقْسِيم الَّذِي هُوَ من محَاسِن الْكَلَام وَهُوَ أَن يقْصد وصف شَيْء تخْتَلف أَحْوَاله فَيقسم أقساماً محورة لَا يُمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>