فَقَالَ: وَالله لَوْلَا أَن أَبَا بَصِير الْأَعْشَى أَنْشدني قبلك لَقلت إِنَّك أشعر النَّاس: أَنْت وَالله أشعر من كل ذَات مثانة. فَقَالَت: إِي وَالله وَمن كل ذِي خصيين.
فَقَالَ حسان: أَنا وَالله أشعر مِنْك وَمِنْهَا وَمن أَبِيك. قَالَ: حَيْثُ تَقول مَاذَا قَالَ: حَيْثُ أَقُول: لنا الجفنات الغر ... ... الْبَيْتَيْنِ فَقَالَ: إِنَّك شَاعِر لَوْلَا أَنَّك قللت عدد جفانك وفخرت بِمن وَلدته.
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: قَالَ لَهُ: إِنَّك قلت الجفنات فقللت الْعدَد وَلَو قلت الجفان لَكَانَ أَكثر وَقلت: يلمعن بالضحى وَلَو قلت يبرقن بالدجى لَكَانَ أبلغ فِي المديح لِأَن الضَّيْف فِي اللَّيْل أَكثر. وَقلت: يقطرن من نجدة دَمًا فدللت على قلَّة الْقَتْل وَلَو قلت يجرين لَكَانَ أَكثر لانصباب الدَّم.
وفخرت بِمن ولدت وَلم تفتخر بِمن ولدك. فَقَامَ حسان منكسراً مُنْقَطِعًا. انْتهى مَا رَوَاهُ.
وَقَالَ أُسَامَة بن منقذ فِي بَاب التَّفْرِيط من كتاب البديع: اعْلَم أَن التَّفْرِيط هُوَ أَن يقدم على شَيْء)
فَيَأْتِي بِدُونِهِ فَيكون تفريطاً مِنْهُ إِذا لم يكمل اللَّفْظ أَو يُبَالغ فِي الْمَعْنى. وَهُوَ بابٌ وَاسع يعْتَمد عَلَيْهِ النقاد من الشُّعَرَاء مثل قَول حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ: لنا الجفنات الغر ... . . الْبَيْت وفرط فِي قَوْله: الجفنات لِأَنَّهَا دون الْعشْرَة وَهُوَ يقدر أَن يَقُول: لدينا الجفان لِأَن الْعدَد الْقَلِيل لَا يفتخر بِهِ.
وَكَذَلِكَ قَوْله: وأسيافنا لِأَنَّهَا دون الْعشْرَة وَهُوَ قادرٌ أَن يَقُول: وبيضٌ لنا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute