بذلك صَاحب الْبَرِيد إِلَى أبي جَعْفَر الْمَنْصُور وَهُوَ بِمَدِينَة السَّلَام يُخبرهُ أَن الْأَمِير الْمهْدي أَمر لشاعر بِعشْرين ألف دِرْهَم فَكتب إِلَيْهِ يعذله ويلومه وَيَقُول لَهُ: إِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي لَك أَن تعطيه بعد أَن يُقيم ببابك سنة أَرْبَعَة أُلَّاف دِرْهَم.
وَكتب إِلَى كَاتب الْمهْدي أَن يُوَجه إِلَيْهِ بالشاعر. فَطلب فَلم يقدر عَلَيْهِ وَكتب إِلَى أبي جَعْفَر: إِنَّه قد توجه إِلَى مَدِينَة السَّلَام. فأجلس قائداً من قواده على جسر النهروان وَأمره أَن يتصفح النَّاس رجلا رجلا.
فَجعل لَا تمر بِهِ قافلة إِلَّا تصفح من فِيهَا حَتَّى مرت الْقَافِلَة الَّتِي فِيهَا المؤمل فتصفحهم فَلَمَّا سَأَلَهُ من أَنْت قَالَ: أَنا المؤمل بن أميل الْمحَاربي الشَّاعِر أحد زوار الْأَمِير الْمهْدي. فَقَالَ: إياك طلبت. قَالَ المؤمل: فكاد قلبِي ينصدع خوفًا من أبي جَعْفَر الْمَنْصُور.
فَقبض عَليّ وأسلمني إِلَى الرّبيع فَأَدْخلنِي إِلَى أبي جَعْفَر وَقَالَ لَهُ: هَذَا الشَّاعِر الَّذِي أَخذ من الْمهْدي عشْرين ألف دِرْهَم قد ظفرنا بِهِ. فَقَالَ: أدخلوه إِلَيّ.