بعض تِلْكَ الأبيات على خلاف التَّخْفِيف لَا يقْدَح فِي رِوَايَة غَيرهمَا.
وَأَيْضًا فَإِن ابْن محَارب قَرَأَ: وبعولتهن أَحَق بردهن بِإِسْكَان التَّاء. وَكَذَلِكَ
قَرَأَ الْحسن: وَمَا)
يعدهم الشَّيْطَان. بِإِسْكَان الدَّال. وَقَرَأَ أَيْضا مسلمة ومحارب: وَإِذ يَعدكُم بِإِسْكَان الدَّال.
وَكَأن الَّذِي حسن مَجِيء هَذَا التَّخْفِيف فِي حَال السعَة شدَّة اتِّصَال الضَّمِير بِمَا قبل من حَيْثُ كَانَ غير مُسْتَقل بِنَفسِهِ فَصَارَ التَّخْفِيف لذَلِك كَأَنَّهُ قد وَقع فِي كلمة وَاحِدَة. وَالتَّخْفِيف الْوَاقِع فِي الْكَلِمَة نَحْو: عضد فِي عضد سائغٌ فِي حَال السعَة لِأَنَّهُ لغةٌ لقبائل ربيعَة بِخِلَاف مَا شبه بِهِ من الْمفصل فَإِنَّهُ لَا يجوز إِلَّا فِي الشّعْر.
فَإِن كَانَت الضمة والكسرة اللَّتَان فِي آخر الْكَلِمَة علامتي بِنَاء اتّفق النحويون على جَوَاز حذفهما فِي الشّعْر تَخْفِيفًا. انْتهى مَا أردنَا مِنْهُ.
وَمَا نَقله عَن الزّجاج مذكورٌ فِي تَفْسِيره عِنْد قَوْله تَعَالَى: فتوبوا إِلَى بارئكم من سُورَة الْبَقَرَة قَالَ: وَالِاخْتِيَار مَا رُوِيَ عَن أبي عَمْرو أَنه قَرَأَ: إِلَى بارئكم بِإِسْكَان الْهمزَة.
وَهَذَا رَوَاهُ سِيبَوَيْهٍ باختلاس الْكسر وأحسب أَن الرِّوَايَة الصَّحِيحَة مَا روى سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ أضبط لما رُوِيَ عَن أبي عَمْرو.
وَالْإِعْرَاب أشبه بالرواية عَن أبي عَمْرو وَلِأَن حذف الْكسر فِي مثل هَذَا وَحذف الضَّم إِنَّمَا يَأْتِي باضطرارٍ من الشّعْر. وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ وَزعم أَنه مِمَّا يجوز فِي الشّعْر خَاصَّة:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute