للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَعْنى وَالله أعلم: مَا جشموا بالصمان. فَإِن حَملته على هَذَا كَانَ لحناً لتقديم مَا فِي الصِّلَة)

على الْمَوْصُول. لَكِن تَجْعَلهُ تبييناً فتعلقه بِمَحْذُوف يدل عَلَيْهِ الظَّاهِر. وَهُوَ بابٌ فاعرفه.

وَقد تكلم على التَّبْيِين بأبسط من هَذَا فِي شرح تصريف الْمَازِني قَالَ: إِن كَانَ على تَقْدِير أَن أجلد بالعصا فخطأٌ لِأَن الْبَاء فِي صلَة أَن ومحالٌ تَقْدِيم شيءٍ من الصِّلَة على الْمَوْصُول وَلكنه جعل الْبَاء تبييناً وَمثله قَوْله تَعَالَى: وَكَانُوا فِيهِ من الزاهدين. فَلَمَّا قدم جعل تبييناً فَأخْرج عَن الصِّلَة.

وَمعنى التَّبْيِين أَن تعلقه بِمَا يدل عَلَيْهِ معنى الْكَلَام وَلَا تقدره فِي الصِّلَة لِأَن معنى الْبَيْت جلدي بالعصا. فَإِذا فعلت هَذَا سلم لَك اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَلم تقدم شَيْئا عَن مَوْضِعه الَّذِي هُوَ أخص أَلا ترى أَن معنى قَوْلهم: أهلك وَاللَّيْل مَعْنَاهُ الْحق بأهلك قبل اللَّيْل وَإِنَّمَا تَقْدِيره فِي الْإِعْرَاب: الْحق بأهلك وسابق اللَّيْل. فَكَذَلِك أَيْضا يكون معنى الْكَلَام كَانَ جزائي أَن أجلد بالعصا وَتَقْدِيره فِي الْإِعْرَاب غير ذَلِك.

وسيبويه كثيرا مَا يمِيل فِي كَلَامه على الْمَعْنى فيتخيل من لَا خبْرَة لَهُ أَنه قد جَاءَ بِتَقْدِير الْإِعْرَاب فيحمله فِي الْإِعْرَاب عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يدْرِي فَيكون مخطئاً وَعِنْده أَنه مُصِيب فَإِذا نوزع فِي ذَلِك قَالَ: هَكَذَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَغَيره.

فَإِذا تفطنت لهَذَا الْكتاب وجدته كثيرا. وَأكْثر مَا يَسْتَعْمِلهُ فِي المنصوبات فِي صدر الْكتاب لِأَنَّهُ موضعٌ مشكلٌ وقلما يهتدى لَهُ. انْتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>