فَإِنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى التَّصْرِيح بأداة التَّشْبِيه لدلَالَة التَّشْبِيه على أَنه دون الْأسد وَدلَالَة الْوَصْف على أَنه فَوْقه. فالوصف مَانع. وَأما هُنَا فالتشبيه يعكس الْمَعْنى المُرَاد. وَأَيْضًا فَإِن الْمَقْصُود نفي مَا صدر بِهِ يَعْنِي لَا تَحِيَّة بَينهم. والتشبيه لَا يُفِيد هَذَا الْمَعْنى.
وَلَيْسَ الشَّيْخ أَبَا عذرة هَذَا بل صرح بِهِ النُّحَاة مِنْهُم سِيبَوَيْهٍ وَقد فَصله فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء من كِتَابه وَنَقله ابْن عُصْفُور وَابْن الطراوة قَالُوا: إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر معرفتين إِمَّا أَن تكون إِحْدَاهمَا قَائِمَة مقَام الْأُخْرَى أَو مشبهة بهَا أَو هِيَ نَفسهَا.
فَإِن كَانَت قَائِمَة مقَامهَا كَانَ الْخَبَر مَا تُرِيدُ إثْبَاته نَحْو قَول عبد الْملك بن مَرْوَان: كَانَ عُقُوبَتك وَلَو قلت: كَانَ عزلك عُقُوبَتك كَانَ معاقباً لَا معزولاً وَلَو قلت: كَانَ زُهَيْر زيدا أثبت التَّشْبِيه لزهير بزيد.
قَالَ ابْن الطراوة: وَقد غلط فِي هَذَا أجلة من الشُّعَرَاء مِنْهُم المتنبي فِي قَوْله: الطَّوِيل
(ثِيَاب كريم مَا يصون حسانها ... إِذا نشرت كَانَ الهبات صوانها)
فذمه وَهُوَ يرى أَنه مدحه. أَلا ترى أَنه أثبت الصون وَنفى الهبات كَأَنَّهُ قَالَ: الَّذِي يقوم لَهَا مقَام الهبات أَن تصان. وَقد أُجِيب عَن المتنبي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute