وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: لَا يجوز هَذَا إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر.
وَهَذَا مَذْهَب ابْن جني قَالَ فِي الْمُحْتَسب: رُوِيَ عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ: وَمَا كَانَ صلاتَهم عِنْد الْبَيْت نصبا إِلَّا مكاءٌ وتصديةٌ رفعا. ولحنه الْأَعْمَش. وَقد رُوِيَ هَذَا الْحَرْف أَيْضا عَن أبان بن تغلب أَنه قَرَأَهُ كَذَلِك.
ولسنا ندفع أَن جعل اسْم كَانَ نكرَة وخبرها معرفَة قَبِيح فَإِنَّمَا جَاءَت مِنْهُ أَبْيَات شَاذَّة وَهُوَ فِي)
ضَرُورَة الشّعْر أعذر وَالْوَجْه اخْتِيَار الْأَفْصَح الأعرب وَلَكِن وَرَاء ذَلِك مَا أذكرهُ. اعْلَم أَن نكرَة الْجِنْس تفِيد مفَاد مَعْرفَته.
أَلا ترى أَنَّك تَقول: خرجت فَإِذا أَسد بِالْبَابِ فتجد مَعْنَاهُ معنى قَوْلك: خرجت فَإِذا الْأسد بِالْبَابِ لَا فرق بَينهَا. وَذَلِكَ أَنَّك فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَا تُرِيدُ أسداً وَاحِدًا معينا وَإِنَّمَا تُرِيدُ خرجت فَإِذا بِالْبَابِ وَاحِد من هَذَا الْجِنْس.
وَإِذا كَانَ كَذَلِك جَازَ هُنَا الرّفْع فِي مكاء وتصدية جَوَازًا قَرِيبا حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت إِلَّا مكاءُ والتصديةُ أَي: إِلَّا هَذَا الْجِنْس من الْفِعْل.
وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يجر هَذَا مجْرى قَوْلك: كَانَ قَائِم أَخَاك وَكَانَ جَالس أَبَاك لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي جَالس وقائم من معنى الجنسية الَّتِي تلاقي معنيا نكرتها ومعرفتها.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يجوز مَعَ النَّفْي من جعل اسْم كَانَ وَأَخَوَاتهَا نكرَة مَا لَا يجوز مَعَ الْإِيجَاب فَكَذَلِك هَذِه الْقِرَاءَة لما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute