فعل الْإِنْشَاء إِلَّا إِلَى منشئه وَهُوَ الْمُتَكَلّم كبعت واشتريت وَأَقْسَمت وَقبلت وحررتك. وَأَيْضًا فَمن الْمَعْلُوم أَن زيدا لم يترج وَإِنَّمَا المترجي الْمُتَكَلّم.
وَإِن قدرته خَبرا كَمَا فِي الْبَيْت وَالْآيَة فَلَيْسَ الْمَعْنى على الْإِخْبَار وَلِهَذَا لَا يَصح تَصْدِيق قَائِله وَلَا تَكْذِيبه.
فَإِن قلت: يخلص من هَذَا الْإِشْكَال أَنهم نصوا على أَن كَانَ وَمَا أشبههَا أَفعَال جَارِيَة مجْرى الأدوات فَلَا يلْزم فِيهَا حكم سَائِر الْأَفْعَال.
قلت: قد اعْتَرَفُوا مَعَ ذَلِك بِأَنَّهَا مُسندَة إِذْ لَا يَنْفَكّ الْفِعْل الْمركب عَن الْإِسْنَاد إِلَّا إِن كَانَ زَائِدا أَو مؤكداً على خلف فِي هذَيْن أَيْضا. وَقَالُوا: إِن كَانَ مُسندَة إِلَى مَضْمُون الْجُمْلَة.
وَقد بَينا أَن الْفِعْل الإنشائي لَا يُمكن إِسْنَاده لغير الْمُتَكَلّم. وَإِنَّمَا الَّذِي يخلص من الْإِشْكَال أَن يدعى أَنَّهَا هُنَا حرف بِمَنْزِلَة لَعَلَّ كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ والسيرافي بحرفيتها فِي نَحْو: عَسى وعساك وعساه.
وَقد ذهب أَبُو كبر وَجَمَاعَة إِلَى أَنَّهَا حرف دَائِما. وَإِذا حملناها على الحرفية زَالَ الْإِشْكَال إِذْ الْجُمْلَة الإنشائية حِينَئِذٍ اسمية لَا فعلية كَمَا تَقول: لَعَلَّ زيدا يقوم. فاعرف الْحق ودع التَّقْلِيد واستفت نَفسك وَإِن أفناك النَّاس.
هَذَا كَلَام ابْن هِشَام وَهُوَ خلاف مَسْلَك الشَّارِح الْمُحَقق.)
وَقَالَ ابْن هِشَام فِي شرح الْمثل: إِن عَسى للإشفاق والغوير: مَاء لكَلْب
مَعْرُوف. قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ. وَهُوَ فِي الأَصْل مصغر غور أَو غَار. والأبؤس: جمع بؤس وَهُوَ الشدَّة.
وأصل الْمثل أَن الزباء لما قتلت جذيمة جَاءَ قصير إِلَى عَمْرو بن عدين فَقَالَ: أَلا تَأْخُذ ثأر خَالك فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute