للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

)

أَرَادَ بالكبير نَفسه وعذلها بِالْوُقُوفِ على الأطلال وسؤاله إِيَّاهَا ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ: وَمَا ترد سُؤَالِي يَقُول: مَا بكاء شيخ كَبِير مثلي فِي طلل. والطلل: مَا شخص من بقايا الْمنزل.

والدمنة: مَا اجْتمع من التُّرَاب والأبعار وَغير ذَلِك. فتعاوره الصَّيف بريحين مُخْتَلفين وهما الصِّبَا ومهبها من نَاحيَة الْمشرق وَالشمَال ومهبها من القطب الشمالي إِلَى الْجنُوب. والجنوب من ريَاح الْيمن.

قَالَ أَبُو عَليّ فِي كتاب الشّعْر: اعْلَم أَن قَوْله: سُؤَالِي بعد قَوْله: مَا بكاء الْكَبِير حمل للْكَلَام على الْمَعْنى وَذَلِكَ أَن الْكَبِير لما كَانَ الْمُتَكَلّم فِي الْمَعْنى حمل سُؤَالِي عَلَيْهِ.

أَلا ترى أَن مَا بكاء الْكَبِير إِنَّمَا هُوَ مَا بُكَائِي وَأَنا كَبِير وبكاء الْكَبِير بالأطلال مِمَّا لَا يَلِيق بِهِ لِأَنَّهُ اهتياج لصباً أَو تصاب وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَلِيق بالكبير. وَمن ثمَّ قَالَ الآخر: الطَّوِيل

(أتجزع إِن دَار تحمل أَهلهَا ... وَأَنت امْرُؤ قد حَملتك العشائر)

فَحمل سُؤَالِي على الْمَعْنى. فَأَما قَوْله: وَمَا يُرِيد سُؤَالِي دمنة قفرة فَإِن مَا تحْتَمل ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: أَن تكون استفهاماً فِي مَوضِع نصب كَأَنَّهُ قَالَ: أَي شَيْء يرجع عَلَيْك سؤالك من النَّفْع وَقد يَقُول: عَاد عَليّ نفع من كَذَا ورد عَليّ كَذَا نفعا وَرجع عَليّ مِنْهُ نفع.

وَيكون دمنة منتصباً بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ سُؤَالِي. وَالْبَيْت على هَذَا مضمن.

وَالْآخر: أَن يكون نفيا كَأَنَّهُ قَالَ: مَا يرد سُؤَالِي أَي: جَوَاب سُؤَالِي دمنة فالدمنة فَاعل قَوْله:)

ترد.

-

وَمثل هَذَا قَوْله: وقمنا فسلمنا فَردَّتْ تَحِيَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>