ثمَّ قَالَ ابْن عُصْفُور بعد تَعْرِيفه: فَإِذا جَاءَ مَا صورته كصورة الْقسم وَهُوَ غير مُحْتَمل للصدق وَالْكذب حمل على أَنه لَيْسَ بقسم نَحْو قَول الشَّاعِر:
(بِاللَّه رَبك إِن دخلت فَقل لَهُ ... هَذَا ابْن هرمة وَاقِفًا بِالْبَابِ)
وَقَول الآخر:
(بِدينِك هَل ضممت إِلَيْك ليلى ... وَهل قبلت قبل الصُّبْح فاها)
قَالَ: فَلَا يكون مثل هَذَا قسما لِأَن الْقسم لَا يتَصَوَّر إِلَّا حَيْثُ يتَصَوَّر الصدْق والحنث.
وَقَالَ فِي شرح الْإِيضَاح: وَأما هَذَانِ البيتان فليسا بقسمين لِأَن الجملتين غير محتملتين للصدق وَالْكذب وَإِنَّمَا المُرَاد بهما استعطاف الْمُخَاطب وَالتَّقْدِير: أَسأَلك بِدينِك وَأَسْأَلك بِاللَّه.
-
إِلَّا أَنهم أضمروا الْفِعْل لدلَالَة الْمَعْنى عَلَيْهِ. وَقد يحذفون الْبَاء وينصبون فِي الضَّرُورَة نَحْو قَوْله:
(أَقُول لبواب على بَاب دارها ... أميرك بلغَهَا السَّلَام وأبشر)
قَالَ: ويدلك على أَن قَوْلك: بِاللَّه هَل قَامَ زيد وَبِاللَّهِ إِن قَامَ زيد فَأكْرمه وأشباهه لَيْسَ بقسم)
ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحدهَا: أَنه لم يَجِيء فِي كَلَام الْعَرَب وُقُوع الْحَرْف الْخَاص بالقسم نَحْو التَّاء وَالْوَاو موقع الْبَاء فَلم يَقُولُوا: تالله هَل قَامَ وَلَا: وَالله إِن قَامَ زيد فَأكْرمه.
ثَانِيهَا: إِنَّهُم إِذا أظهرُوا الْفِعْل الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ الْبَاء لم يكن من أَفعَال الْقسم لَا يُقَال: أقسم بِاللَّه هَل قَامَ زيد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute