وَكَانَ أَبُو عَليّ يستحسن قَول الْكسَائي فِي هَذَا لِأَنَّهُ لما كَانَ رضيت ضد سخطت عدى رضيت ب على حملا للشَّيْء على نقيضه كَمَا يحمل على نَظِيره.
وَقد سلك سِيبَوَيْهٍ هَذِه الطَّرِيق فِي المصادر كثيرا فَقَالَ: قَالُوا كَذَا كَمَا قَالُوا كَذَا وَأَحَدهمَا ضد الآخر. وَنَحْو مِنْهُ قَول الآخر:
(إِذا مَا امْرُؤ ولى عَليّ بوده ... وَأدبر لم يصدر بإدباره ودي)
أَي: ولى عني وَوَجهه انه إِذا ولى عَنهُ بوده فقد ضن عَلَيْهِ بِهِ وبخل فَأجرى التولي بالود مجْرى الضنانة وَالْبخل أَو مجْرى السخط لِأَنَّهُ توليه عَنهُ بوده لَا يكون إِلَّا عَن سخط عَلَيْهِ.
وَأما قَول الآخر:
(شدوا الْمطِي على دَلِيل دائب ... من أهل كاظمة بِسيف الأبحر)
فَقَالُوا مَعْنَاهُ: بِدَلِيل. وَهُوَ عِنْدِي أَنا على حذف الْمُضَاف أَي: شدوا الْمطِي على دلَالَة دَلِيل فَحذف الْمُضَاف وَقَوي حذفه هُنَا شَيْئا لِأَن لفظ الدَّلِيل يدل على الدّلَالَة وَهُوَ كَقَوْلِك: سر على اسْم الله.