للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قارح الْإِقْدَام أَي: قد بلغ إقدامه النِّهَايَة.

وَقَالَ قوم: إِنَّمَا يُرِيد بقوله: وَلم أصب لم ألف على هَذِه الْحَال وَلَكِنِّي قارح البصيرة جذع الْإِقْدَام أَي: رَأْيه رَأْي شيخ وإقدامه إقدام غُلَام.

وَيكون البصيرة على هَذَا الرَّأْي وَالتَّدْبِير كالاستبصار فِي الْأَمر وَهُوَ الأعرف فِي كَلَام الْعَرَب فَإِن البصيرة للقلب كالبصر للعين.

وَالْحجّة لهَذَا الْمَذْهَب: قَوْله وَلم أصب وَهُوَ قد قَالَ قبل هَذَا: حَتَّى خضبت بِمَا تحدر من دمي والإصابة قد تكون فِيمَا دون النَّفس وَهُوَ الْأَكْثَر. انْتهى.

وَبعد هَذِه الْأَرْبَعَة بيتان لم يوردهما أَبُو تَمام وهما:

(متعرضاً للْمَوْت أضْرب معلما ... بهم الحروب مشهر الْإِعْلَام)

(أَدْعُو الكماة إِلَى النزال وَلَا أرى ... نحر الْكَرِيم على القنا بِحرَام)

وقطري هُوَ رَأس الْخَوَارِج كَانَ أحد الْأَبْطَال الْمَذْكُورين خرج فِي مُدَّة

ابْن الزبير وَبَقِي يُقَاتل ويستظهر بضع عشرَة سنة وَسلم عَلَيْهِ بإمرة الْمُؤمنِينَ. وجهز عَلَيْهِ الْحجَّاج جَيْشًا بعد جَيش وَهُوَ يستظهر عَلَيْهِم ويكسرهم. وتغلب على نواحي فَارس وَغَيرهَا. وَوَقَائعه مَشْهُورَة.

وَقد ذكر الْمبرد كثيرا من أخباره فِي الْكَامِل. وَكَانَ مَعَ شجاعته من البلغاء وَله شعر جيد.

وَكَانَ آخر أمره أَن الْحجَّاج ندب لَهُ سُفْيَان بن الْأَبْرَد فِي جَيش كثيف وَاجْتمعَ مَعَه إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث فِي جَيش لأهل الْكُوفَة فَأَقْبَلَا فِي طلب قطري فأدركوه فِي شعب من شعاب طبرستان فقاتلوه فَتفرق عَنهُ أَصْحَابه وَسقط عَن دَابَّته فتدهده إِلَى أَسْفَل الشّعب.

وَأَتَاهُ علج من أهل الْبَلَد

<<  <  ج: ص:  >  >>