للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحدهمَا: أَن الْأَسْمَاء أقوى وأعم تَصرفا من الْحُرُوف وَهِي الأول الْأُصُول فَغير مُنكر أَن يتجوز فِيهَا مَا لَا يتجوز فِي الْحُرُوف.

أَلا ترى أَن تَاء التَّأْنِيث فِي الِاسْم نَحْو: مسلمة قد أبدلوها هَاء فِي الْوَقْف وَلم يبدلوها فِي ربت وثمت. وَالْفِعْل أَيْضا فِي هَذَا جَار مجْرى الْحَرْف.

وَالثَّانِي: أَن الْأَسْمَاء لَيست فِي أول وَضعهَا مَبْنِيَّة على أَن تُضَاف ويجر بهَا وَإِنَّمَا الْإِضَافَة فِيهَا ثَان لَا أول فَجَاز فِيهَا أَن تعرى فِي اللَّفْظ من الْإِضَافَة وَإِن كَانَت الْإِضَافَة فِيهَا منوية.

وَأما حُرُوف الْجَرّ فَوضعت على أَنَّهَا للجر الْبَتَّةَ وعَلى أَنَّهَا لَا تفارق الْمَجْرُور لِضعْفِهَا وَقلة استغنائها عَن الْمَجْرُور فَلم يُمكن تَعْلِيقهَا عَن الْجَرّ وَالْإِضَافَة لِئَلَّا يبطل الْعرض.

فَإِن قيل: فَمن أَيْن جَازَ للاسم أَن يدْخل على الْحَرْف فِي قَوْله: مثل كعصف فَالْجَوَاب: أَنه إِنَّمَا جَازَ لما بَين الْكَاف وَمثل من المضارعة فِي الْمَعْنى فَكَمَا حَاز أَن يدخلُوا الْكَاف على الْكَاف فِي ككما يؤثفين لمشابهته لمثل حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: كَمثل مَا يؤثفين كَذَلِك أدخلُوا مثلا على الْكَاف فِي قَوْله: كعصف وَجعلُوا ذَلِك تَنْبِيها على قُوَّة الشّبَه بَين الْكَاف وَمثل.

فَإِن قيل: فَهَل تجيز أَن تكون الْكَاف مجرورة بِإِضَافَة مثل إِلَيْهَا وَيكون العصف مجروراً بِالْكَاف فَتكون قد أضفت كل وَاحِد من مثل والْكَاف فيزول عَنْك الِاعْتِذَار بتركهم مثلا غير مُضَافَة وَيكون جر الْكَاف بِإِضَافَة مثل إِلَيْهَا كجرها بِدُخُول الْكَاف على الْكَاف فِي ككما يؤثفين فَكَمَا أَن الْكَاف الثَّانِيَة

هُنَا مجرورة بِالْأولَى كَمَا انجرت بعلى فِي قَوْله: على كالقطا الْجونِي

<<  <  ج: ص:  >  >>