أَرَادَ: كَيْمَا أخافه إِلَّا انه أَدخل اللَّام توكيداً وَلِهَذَا الْمَعْنى كَانَ الْفِعْل مَنْصُوبًا. فَهَذِهِ الأبيات كلهَا تدل على صِحَة مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ. وَأما البصريون فاحتجوا بِأَن قَالُوا:)
إِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّه لَا يجوز النصب بهَا لِأَن الْكَاف فِي كَمَا كَاف التَّشْبِيه أدخلت عَلَيْهَا مَا وَجعلا بِمَنْزِلَة حرف وَاحِد كَمَا أدخلت مَا على رب وَجعلا بِمَنْزِلَة حرف وَاحِد ويليها الْفِعْل كربما.
وكما أَنهم لَا ينصبون الْفِعْل بعد رُبمَا فَكَذَلِك هَاهُنَا.
-
وَأما الْجَواب عَن كَلِمَات الْكُوفِيّين: أما الْبَيْت الأول فَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَنَّهُ رُوِيَ: كَمَا أخفرها بالفرع لِأَن الْمَعْنى جَاءَت كَمَا أجيئها.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْفراء من أصحابكم وَاخْتَارَ الرّفْع فِي هَذَا الْبَيْت. وَهَذِه الرِّوَايَة الصَّحِيحَة.
وَأما الْبَيْت الثَّانِي فَلَا حجَّة فِيهِ أَيْضا لِأَن الرِّوَايَة: لكَي يحسبوا.
وَأما الْبَيْت الثَّالِث فَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ أَيْضا لِأَن الرِّوَايَة فِيهِ بِالتَّوْحِيدِ: لَا تظلم النَّاس كَمَا لَا تظلم كالرواية الْأُخْرَى: وَأما الْبَيْت الرَّابِع فَلَيْسَ فِيهِ أَيْضا حجَّة لِأَن الروَاة اتَّفقُوا على أَن الرِّوَايَة كَمَا يَوْمًا تحدثه بِالرَّفْع كَقَوْل أبي النَّجْم:
(قلت لشيبان ادن من لِقَائِه ... كَمَا تغدي الْقَوْم من شوائه)
وَلم يروه أحد كَمَا يَوْمًا تحدثه بِالنّصب إِلَّا الْمفضل الضَّبِّيّ وَحده فَإِنَّهُ كَانَ يرويهِ مَنْصُوبًا وَإِجْمَاع الروَاة من نَحْويي الْبَصْرَة والكوفة على خِلَافه والمخالف لَهُ أقوم مِنْهُ بِعلم الْعَرَبيَّة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute